وَلِأَنَّ الْخَائِفَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي وَ... دُخُولُهَا إِلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ، أَوْ حَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخَائِفَ الَّذِي لَا يُقَاتِلُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا مُحْرِمًا، وَتَأَوَّلَ الْقَاضِي فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ، وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ وَإِنَّمَا أَحْرَمَ مِنْ دُونِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ قَصْدًا ابْتِدَاءً، وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ هَذَا لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دَخَلَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، وَلَوْ بَلَغَهُ السِّيَاقُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَتَأَوَّلْ هَذَا التَّأْوِيلَ.
وَأَمَّا مَنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ إِلَى مَكَّةَ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ الْحَطَّابِينَ وَالرُّعَاةِ وَنَحْوِهِمْ: فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: " لَا يَدْخُلَنَّ إِنْسَانٌ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا إِلَّا الْجَمَّالِينَ وَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا " رَوَاهُ حَرْبٌ.