98

शरह अक़ीदा तहाविय्या

شرح العقيدة الطحاوية

अन्वेषक

أحمد شاكر

प्रकाशक

وزارة الشؤون الإسلامية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٨ هـ

प्रकाशक स्थान

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ قَوْلُهُ ﷺ: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» أَيْ: سَبَبُ طُولِ الْعُمُرِ. وَقَدْ قَدَّرَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا يَصِلُ رَحِمَهُ فَيَعِيشُ بِهَذَا السَّبَبِ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ السَّبَبُ لَمْ يَصِلْ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، وَلَكِنْ قَدَّرَ هَذَا السَّبَبَ وَقَضَاهُ، وَكَذَلِكَ قَدَّرَ أَنَّ هَذَا يَقْطَعُ رَحِمَهُ فَيَعِيشُ إِلَى كَذَا، كَمَا قُلْنَا فِي الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَلْزَمُ مِنْ تَأْثِيرِ صِلَةِ الرَّحِمِ فِي زِيَادَةِ الْعُمُرِ وَنُقْصَانِهِ تَأْثِيرُ الدُّعَاءِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ، لِقَوْلِهِ ﷺ لِأُمِّ حَبِيبَةَ ﵂: «قَدْ سَأَلَتِ اللَّهَ تَعَالَى لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ» الْحَدِيثَ، كَمَا تَقَدَّمَ. فَعُلِمَ أَنَّ الْأَعْمَارَ مُقَدَّرَةٌ، لَمْ يُشْرَعِ الدُّعَاءُ بِتَغَيُّرِهَا، بِخِلَافِ النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. فَإِنَّ الدُّعَاءَ مَشْرُوعٌ لَهُ نَافِعٌ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الدُّعَاءَ بِتَغْيِيرِ الْعُمُرِ لَمَّا تَضَمَّنَ النَّفْعَ الْأُخْرَوِيَّ - شُرِعَ كَمَا فِي الدُّعَاءِ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي»، إِلَى آخِرِ الدُّعَاءِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ». وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَظُنُّ أَنَّ النَّذْرَ سَبَبٌ فِي دَفْعِ الْبَلَاءِ وَحُصُولِ النَّعْمَاءِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ». وَاعْلَمْ أَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ مَشْرُوعَا نَافِعًا فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ هُوَ. وَكَذَلِكَ لَا يُجِيبُ اللَّهُ الْمُعْتَدِينَ فِي الدُّعَاءِ. وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵀ يَكْرَهُ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِطُولِ الْعُمُرِ، وَيَقُولُ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ.

1 / 101