191

शरह अक़ीदा तहाविय्या

شرح العقيدة الطحاوية

अन्वेषक

أحمد شاكر

प्रकाशक

وزارة الشؤون الإسلامية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٨ هـ

प्रकाशक स्थान

والأوقاف والدعوة والإرشاد

لَكِنْ بَقِيَ مِنْ كَلَامِهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ إِطْلَاقَ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ - مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِجْمَالِ وَالِاحْتِمَالِ - كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَإِلَّا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَأَلْزَمَ بِالتَّنَاقُضِ فِي إِثْبَاتِ الْإِحَاطَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَنَفْيِ جِهَةِ الْعُلُوِّ، وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، مِنْ أَنَّهُ نَفَى أَنْ يَحْوِيَهُ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، فَالِاعْتِصَامُ بِالْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: (كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا مِنْ مُبْتَدَعٍ إِلَّا وَهُوَ مَحْوِيٌّ وَفِي هَذَا نَظَرٌ. فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مَحْوِيٌّ بِأَمْرٍ وُجُودِيٍّ، فَمَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْعَالَمَ لَيْسَ فِي عَالَمٍ آخَرَ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَإِنْ أَرَادَ أَمْرًا عَدَمِيًّا، فَلَيْسَ كُلُّ مُبْتَدَعٍ فِي الْعَدَمِ، بَلْ مِنْهَا مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي غَيْرِهِ، كَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فِي الْكُرْسِيِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُنْتَهَى الْمَخْلُوقَاتِ، كَالْعَرْشِ. فَسَطْحُ الْعَالَمِ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ: بِأَنَّ «سَائِرَ» بِمَعْنَى الْبَقِيَّةِ، لَا بِمَعْنَى الْجَمِيعِ، وَهَذَا أَصْلُ مَعْنَاهَا، وَمِنْهُ «السُّؤْرُ»، وَهُوَ مَا يُبْقِيهِ الشَّارِبُ فِي الْإِنَاءِ. فَيَكُونُ مُرَادُهُ غَالِبَ الْمَخْلُوقَاتِ، لَا جَمِيعَهَا، إِذِ السَّائِرُ عَلَى الْغَالِبِ أَدَلُّ مِنْهُ عَلَى الْجَمِيعِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَيْرُ مَحْوِيٍّ - كَمَا يَكُونُ أَكْثَرُ الْمَخْلُوقَاتِ مَحْوِيًّا، بَلْ هُوَ غَيْرُ مَحْوِيٍّ - بِشَيْءٍ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. وَلَا يُظَنّ بِالشَّيْخِ ﵀ أَنَّهُ مِمَّنْ يَقُولُ إَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ بِنَفْيِ النَّقِيضَيْنِ (١)، كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ، بَلْ مُرَادُهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يُحِيطَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُفْتَقِرًا إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا، الْعَرْشِ أَوْ غَيْرِهِ. وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْكَلَامِ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ نَظَرٌ، فَإِنَّ أَضْدَادَهُ قَدْ شَنَّعُوا عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ أَهْوَنَ مِنْهُ، فَلَوْ سَمِعُوا مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ لَشَاعَ

(١) في الأصل: (التعيينين) والصواب ما أثبتناه، كما في إحدى النسخ. ن.

1 / 194