قال أرسطاطاليس : « فأما المقدمات ذوات الأوساط إن كان القياس الناتج الكاذب ذا وسط ذاتى فانه غير ممكن أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين ، لكن الكبرى منهما فقط . ومعنى قولنا وسطا مناسبا : الوسط الذى به يكون القياس على الضد . » التفسير لما ذكر أصناف المقاييس الكاذبة من قيل مقدماتها التى تعرض فى الأوائل المعروفة بأنفسها الموجبات منها والسوالب - يريد أيضا أن يذكر أصناف المقاييس الكاذبة من قبل مقدماتها التى تعرض فى المطالب التى تتبين بمقاييس صحيحة المقدمات فابتدأ فقال : فأما المقدمات ذوات الأوساط فإن كان القياس الناتج الكاذب ذا وسط ذاتى ، فإنه غير ممكن أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين » - يريد : وأما المقدمات التى تتبين بمقاييس بسيطة فإن كان القياس المنتج لضد المقدمة التى بانت بالوسط نفسه ، أعنى بأن يحمل على أحد الأطراف على غير الجهة التى هو عليها فى نفسه ، فإنه ليس يتفق أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين ، لكن الكبرى منهما . ثم قال : ومعنى قولنا « وسطا مناسبا » : الوسط الذى به يكون القياس على الضد » - يريد : ومعنى [٨٨ أ] أشتراطنا أن يكون القياس الكاذب من قبل مقدماته بوسط ذاتى مناسب أن يكون ذلك الوسط بعينه الذى أخذ فى القياس الصحيح هو بعينه الوسط الذى أنتج به ضد ما اقتضاه طبعه ، وهو الكاذب . قال أرسطاطاليس : « فلتكن الآن أموجودة ل ب بوسط ج . أما مقدمة ح ب متى كان القياس مزمعا أن يكون من الاضطرار فإنها تكون موجبة . وهذه فصدقها يكون دائما ولا ينقلب . فأما مقدمة أح فتكون كاذبة ، من قبل أن هذه يمكن أن تنقلب فيحصل بها القياس على الضد . » التفسير يريد : مثال ذلك أنه متى أخذنا بدل الطرف الأكبر فى قياس ، صحيح ما عليه أ، وبدل الأصغر ما عليه ب . وأخذنا أن أموجودة ل ب بوسط عليه علامة ج ، مثل أن نأخذ أعلى ج ، وج على ب - فينتج لنا أن أعلى كل ب ، وهى نتيجة صحيحة بوسط مناسب عن مقدمات صادقة . فأنه متى كان الأمر هكذا ، وعرض لنا أن غلطنا فأنتجنا بهذا الوسط بعينه ، أعنى ج ، أن أليست فى شىء من ب ، فإنه ليس يمكن أن نغلط فى المقدمة الصغرى الموجبة القائلة إن ج على كل ب . فإنه أن غلطنا فى هذه فقط ، فأخذنا : ج ولا على شىء من ب ، وأخذنا : أعلى كل ح ، لم ينتج لنا من ذلك شىء ، إذ كان قد تبين أن من شرط القياس السالب فى الشكل الأول أن تكون الصغرى موجبة . فإذن إنما يعرض لنا فى هذا المطلوب قياس صحيح الشكل كاذب من قبل مقدماته إذا توهمنا المقدمة الكبرى الموجبة فيه سالبة . ولذلك قال فى المقدمة الصغرى : « فصدقها دائما ولا تنقلب » - يريد : بحسب النتيجة ، إذ كان شرطنا فى هذا الغلط أن يكون القياس صحيح الشكل ، وهو الذى دل عليه بقوله : « متى كان القياس مزمعا أن يكون من الاضطرار » . ثم قال : فأما أح فتكون كاذبة من قبل أن هذه يمكن أن تنقلب فيحصل بها القياس على الضد » - يريد : فأما مقدمة أح الكبرى الموجبة ، أعنى التى أخذ فيها أن أعلى كل ج فى القياس الصادق ، فيمكن أن تقلب فيوجد بدلها : السالبة المقابلة لها . فيكون عن ذلك ، قياس نتج منه القياس الصحيح ، أعنى أنه ينتج سالبا كليا ، وقد كان القياس < الصحيح > أنتج موجبا كليا . قال أرسطاطاليس : « وعلى هذا المثال إن أخذ الوسط قريبا من المناسب [٨٨ ب ] مثل أن تكون ج فى كل أومحمولة على كل ب ، فقد يجب ضرورة أن تكون مقدمة ح ب ثابتة على حالها . فأما المقدمة الأخرى فتقلب ، ولذلك تكون دائما صادقة . وأما هذه فتكون دائما كاذبة . والخدعة واحدة إذا كان الوسط فى القياس مناسبا ، أو قريبا من المناسب . » التفسير الحد الأوسط المناسب هو الذى ينتج ، بطبيعته ، الصادق فى كل مادة ، أعنى بجهة حمله الطبيعى . فإذا كان هاهنا شىء يحمل بالطبع على شىء ، ويحمل عليه شىء ، فهو الحد المناسب للشكل الأول . وهذا ليس يتفق فيه أن ينتج به كذب لازم ، إلا أن تؤخذ المقدمة الكبرى هى الكاذبة . وأما الحد القريب من المناسب فهو الذى يعرض له فى بعض المواد أن ينتج . مثال ذلك : الموجبتان فى الشكل الثانى إذا كانت الكبرى منعكسة وذلك بأن تكون خاصة ، أو رسما ، أو حدا : فإنها إذا انعكست رجعت إلى الشكل الأول . فإذن متى أخذنا هاهنا بدل الموجبة الصغرى : سالبة ، لم ترجع إلى الشكل الأول ، وإن كانت الكبرى منعكسة . فلذلك ليس يمكن أن يأتلف قياس نتج من مثل هذا الحد الأوسط وتكون صغراه سالبة كاذبة . وإنما يتفق فى مثل هذا الحد أن ينتج نتيجة كاذبة لازمة متى أخذت الكبرى على الضد ، أعنى : سالبة . مثال ذلك : أما من الحروف فأن تكون ج التى هى الحد الأوسط ، محمولة على كل أ، وتكون أيضا محمولة على كل ب . فإذا عكسنا الكبرى كان معنا : أمحمول على كل ج وح على كل ب فينتج لنا فى الشكل الأول أن : أعلى كل ب وأما إذا لم تنعكس الكبرى فى مثل هذا الحمل ، فليس يكون حدا قريبا من المناسب . وإذا كان قريبا من المناسب يعود به إلى الشكل الأول ، كما قلنا . وكان قد تبين فى الشكل الأول أنه ليس يمكن أن تقلب الصغرى فيكون منتجا . فالأمر إذن فيما يعرض من ذلك فى الحد القريب من المناسب هو بعينه ما يعرض مع المناسب . ولذلك قال : « فالخدعة واحدة » إذا كان الوسط فى القياس مناسبا أو قريبا من المناسب وليس يعسر عليك مثال هذا من المواد ، إذ كان ليس يقرأ هذا الكتاب إلا من أحسن « أنا لو طيقى الأولى » . قال أرسطاطاليس : « فأما إن كان وسط القياس ليس مناسبا ، وكان الحد الأوسط تحت أوغير موجود لشىء من ب ، فمن الاضطرار أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين ، إذ كان قد يجب أن يقلبا جميعا ويؤخذا على الضد مما هما ، إن كان القياس مزمعا أن يكون منهما . وإذا أخذت هكذا ، تكون كلتاهما كاذبتين . مثل [٨٩ أ] أن تكون ألكل ج ، وج ولا لشىء من ب ، فإنه إذا قلبت هاتان ، يكون قياس وكلتا المقدمتين فيه كاذبتان . » التفسير يقول : فأما متى كان شىء ما يوجد لكل شىء ما ، كأنك قلت : الحيوان على كل انسان بوسط مناسب ، وهو مثلا الحساس - فالأمر فيه على ما قلنا . وأما إذا أخذنا فى مثل هذه النتيجة وسطا غير مناسب ، وهو أن تأخذ ما كان داخلا تحت أ، أعنى ما كان يحمل عليه بالطبع أوهو جزء منه ، وهو مسلوب عن الطرف الأصغر ، كأنك قلت : الفرس ، فإن مثل هذا الحد الأوسط ليس يأتلف فيه قياس . وذلك أنه ليس إذا كان الحيوان يحمل على كل فرس ، والفرس ولا على شىء من الإنسان - أن يكون الحيوان ولا على شىء من الإنسان . فإذن هذا الوسط الغير مناسب قد يوجد فى المقدمات التى لها وسط مناسب . وإذا أردنا أن ننتج من هذا الوسط نتيجة ضد النتيجة الصادقة ، فإن ذلك ليس يتأتى لنا إلا بأن نأخذ المقدمتين كاذبتين ، حتى تكون الكبرى سالبة والصغرى موجبة ، لأن هذا التأليف هو المنتج فى الشكل الأول : فنأخذ فى مثالنا هذا : الحيوان ولا على شىء من الفرس ، والفرس على كل انسان - ينتج لنا ضرورة أن الحيوان ولا على شىء من الإنسان . فهذا هو معنى ما يقوله فى هذا الفصل . وكلامه مما قلنا مفهوم بنفسه . قال أرسطاطاليس : « ومتى لم يكن الحد الأوسط تحت أبمنزلة ج ، أما مقدمة أح فإنها تكون صادقة [81 a]* ؛ وأما مقدمة ح ب فكاذبة . أما صدق ج فمن قبل أن ج ليست تحت أ. وأما كذب مقدمة ح ب فمن قبل أنها لو كان صادقة ، لقد كانت تكون النتيجة صادقة ، إلا أنها كاذبة . » التفسير يقول : فأما إذا كان شىء منتجا بإيجاب لشىء ما ، وأخذ وسط غير مناسب بأن يؤخذ شىء مسلوب عن الطرفين ، أعنى عن الأكبر والأصغر ، فإن ذلك شىء يوجد . فإنه إذا أردنا أن نؤلف من مثل هذا الوسط قياسا صحيح الشكل ينتج ضد النتيجة الصحيحة ، أعنى سالبة كلية ، فإنه ليس يمكن إلا بأن تكون المقدمة الكبرى صادقة ضرورة ، إذ كنا نأخذها ولا بد سالبة ، والصغرى كاذبة إذا كنا نأخذها ولا بد موجبة . ولو كانت الصغرى صادقة ، والكبرى قد وضعناها صادقة ، لزم أن تكون النتيجة صادقة ، وقد كنا فرضنا أن ضدها هى الصادقة . ومثال هذا من المواد من أنتج أن : « كل حيوان إنسان » بوسط هو : الحساس . ثم أخذ [٨٩ ب] وسطا غير مناسب ، بكونه مسلوبا عن كليهما ، أعنى عن الطرفين : الأكبر والأصغر اللذين هما فى هذا المثال : الحيوان والإنسان ، وليكن ذلك الوسط مثلا : الحجر . فإذا غلطنا فى القياس بهذا الوسط غلطا يكون تأليف القياس منه صحيحا والمقدمات كاذبه ، فلا بد ضرورة أن نأخذ « الحجر » موجودا لكل « إنسان » وأن الحيوان ولا على شىء من الحجر ، فينتج لنا عن ذلك فى الشكل الأول أن : الحيوان ليس على شىء من الانسان . وبين أن المقدمة السالبة صادقة ، وأن الموجبة الصغرى هى الكاذبة ، وأنه ليس يمكن أن ينتج سالبا كاذبا عن قياس صحيح الشكل إلا بهذه الصورة . فقوله : « ومتى لم يكن الحد الأوسط تحت أ» - يريد : بل يكون مسلوبا عن أالتى هى الطرف الأكبر ، وعن ب التى هى الطرف الأصغر . وباقى كلامه مما قلناه مفهوم بنفسه . قال أرسطاطاليس : « فأما متى كان الاختداع فى الشكل الأوسط ، فإنه غير ممكن أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين بكلتيهما ، من قبل أنه إذا كانت أعلى كل ب ، فغير ممكن أن يوجد شىء يكون اما لأحدهما فعلى كله ، وأما للأخر ولا على شىء منه ، كما قيل فيما سلف . » التفسير لما تبين أصناف الأغاليط التى تعرض فى النتائج الصادقة فى الشكل الأول ، أعنى الأغاليط القياسية يريد أن يخبر بما يعرض من ذلك فى الشكل الثانى فقال : فأما فى الشكل الأوسط فليس يمكن أن يعرض فيه قياس صحيح الشكل ينتج ضد الموجب الكلى الذي بان بوسط صحيح . وذلك أنه إذا كان الطرف الأكبر موجودا لكل الأصغر بوسط ما ، كأنك قلت : أموجودة ل ب بوسط هو ج ، فإنه ليس يمكن أن يوجد شىء ما يكون موجبا لأحد الطرفين ، أعنى ل ب أو ل أ، ومسلوبا عن الطرف الأخر . لأنه لو كان ذلك كذلك لكانت أغير موجودة ل ب ، وقد فرضناها موجودة لها - هذا خلف لا يمكن . وإذا لم يمكن أن يوجد حد أوسط يكون مسلوبا فى أحد الطرفين ، لم يتأت فى ذلك قياس صحيح الشكل كاذب المقدمتين ، لأنه إنما كان يمكن ذلك لو وجد حد أوسط مسلوبا عن أحدهما وموجودا للثانى . فكنا إذا قلبنا المقدمات إلى ضدها ، كان لنا قياس صحيح الشكل فى الشكل الثانى . لكن ليس يمكننا أن نجد لهذا حدا أوسط بهذه الصفة ، فليس يمكننا القلب . وإذا لم يمكنا القلب ، لم يمكن أن يكون فى هذا الصنف قياس كاذب المقدمتين معا . [٩٠ أ] قال أرسطاطاليس : « فأما إذا كانت إحدى المقدمتين كاذبة - أيهما كانت - فقد يمكن ، بمنزلة ما تكون ح موجودة ل أوب ، فإذا أخذت ج ل أوغير موجودة لشىء من ب أما مقدمة أح فتكون صادقة ، وأما الأخرى فتكون كاذبة . » [...] التفسير يريد : وإذا عكست الأمر فى هذه المادة ، فأخذت مكان السالبة : موجبة ، ومكان الموجبة : سالبة ، انعكس الأمر فى الصدق والكذب ، فعادت الكبرى هى الكاذبة والصغرى هى الصادقة مثل أن نأخذ أن : الحساس ولا على شىء من الحيوان ، وأن الحساس موجود لكل إنسان ، فإنه ينتخ لنا أن : الحيوان ليس بإنسان . قال أرسطاطاليس : « فقد بان كيف نختدع بأن نقيس على السالب الكلى ، وبأى الأحوال تكون عند ذلك المقدمات . » التفسير يريد : فقد بان كيف يعرض لنا أن نختدع فيما هو موجب كلى بحد أوسط ، فنقيس من ذلك الحد على السالب الكلى ، وبأيى الأحوال تكون مقدمتا القياس [ ٩٠ ب ] من الصدق والكذب فى صنف صنف من أصناف القياسات على السالب الكلى ، أعنى متى تكون كلتا المقدمتين كاذبتين ، ومتى لا تكون ، وأيهما تكون الكاذبة منهما فقط : الصغرى أو الكبرى . قال أرسطاطاليس : « فأما إن كان القياس على الايجاب الكلى بأن يكون الوسط مناسبا ، فإنه غير ممكن أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين ، من قبل أنه يلزم من الاضطرار أن تكون مقدمة ح ب باقية على حالها ، إن كان القياس مزمعا أن يكون كما قيل فيما تقدم . فأما مقدمة أح فتكون دائما كاذبة ، إذ كانت هى التى يمكن أن تقلب . » التفسير لما بين كيف يغلط فينتج سالبا كليا من حد أوسط ينتج الموجب الكلى إذا كان الحد مناسبا أو غير مناسب فى الشكل الأول والثانى ، وعلى كم جهة يعرض من كذب كلتا المقدمتين أو إحداهما - أخذ يذكر كيف يعرض من الغلط عكس هذا ، أعنى أن يغلط فيما كان من المقدمات سالبة كلية بحد أوسط ، فينتج بذلك الحد بعينه أن المحمول موجود لكل الموضوع . وهو الذى أراد بقوله : « فأما إن كان القياس عل الإيجاب الكلى بأن يكون الوسط مناسبا"-يريد : فأما إن كان القياس الصحيح الشكل الموجود الكذب فى مقدماته ينتج موجبا كليا بحد أوسط ينتج فى الحقيقة سالبا كليا - فإنه ممكن أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين ، لأن السالب الكلى إنما ينتج فى الشكل الأول من مقدمتين صغراهما موجبة كلية ، وكبراهما سالبة كلية . فلذلك ليس يمكن أن ينقلب فيه على جهة الغلط إلا المقدمة الكبرى ، لأنه إن انقلبت الصغرى فأخذها سالبة ، والكبرى موجبة ، لم تلزم عن ذلك نتيجة . فلذلك ليس يمكن أن نقلب إلا المقدمة الكبرى فقط . مثال ذلك أنه كان : ولا شىء من الأصنام حيوان ، من قبل أن : كل صنم جماد ، ولا جماد واحدا حيوان . فأما متى غلطنا فى هذا مع التحفظ بكون القياس منتجا ، فإنا إنما نغلط بأن نأخذ مكان السالبة هاهنا موجبة فنقول : كل صنم جماد وكل جماد حيوان فينتج لنا أن : كل صنم حيوان . فإن أخذنا المقدمتين كلتيهما كاذبة ، فقلنا : ولا صنم واحدا جماد ، وكل جماد حيوان - لم ينتج ذلك شيئا - وما يقوله مفهوم بنفسه . قال أرسطاطاليس : « وعلى هذا المثال أن أخذ الأوسط قريبا من المناسب ، كما قيل فى الاختداع الذى يكون صن السالب الكلى : أما ح ب فتكون [٩١ أ] باقية على حالها من التفسير القريب من المناسب أما فى الذى ينتج الموجب الكلى فقد كان قيل فيه إنه الحد الأوسط الذى يحمل على الطرفين بإيجاب ؛ وأما الحد الأوسط الذى هو قريب من المناسب فيما ينتج السالب الكلى فهو أن يكون موضوعا لكل واحد من الطرفين ، أعنى لأحدهما : بإيجاب ، وللآخر : بسلب . فإنه إذا انعكست الموجبة فى المحمولات المنعكسة ، أنتجت سالبة كلية . والدائم لها إنما هو سالبة جزئية ، إذ كان هو الدائم في كل مادة ، فهو يقول أنه أيضا : يعرض من الخدعة هاهنا النوع من الخدعة التى عرضت فى السالب الكلى وهو أن يكون الغلط إنما يعرض فى المقدمة الكبرى فقط ، وهى السالبة ، بأن توجد موجبة . وأما المقدمة الصغرى فليس يمكن أن تؤخذ كاذبة ، لأنه لا ينتج ما صغراه سالبة فى الشكل أيضا . ولذلك قال : « أما ح ب » يعنى الصغرى « فتكون باقية على حالها من الاضطرار » يعنى أنه ليس يمكن أن تقلب « وأما ج فتقلب » يعنى : الكبرى . وقوله: « وهذه الخدعة والتى تتقدمها شئ واحد » يعنى أن الخدعة التى تعرض فى الشكل الأول فى السالب الكلى هى بعينها التى تعرض فى الموجب ، أعنى أنها صنف واحد فى كون المقدمة الكبرى هى التى تقلب فيها . قال أرسطاطاليس: « فأما متى لم يكن القياس بوسط مناسب ، بمنزلة ما تكون ح تحت أ، فهذه الكبرى تكون صادقة ؛ وأما الأخرى فتكون كاذبة ، من قبل أن يمكن أن توجد لأشياء كثير بعضها ليس تحت بعض . « وأيضا إن لم تكن ح تحت أ، فمن البين أن هذه المقدمة دائما تكون كاذبة ، إذ كانت إنما توجد موجبة . وأما ح ب فقد يمكن أن تكون صادقة ، وقد يمكن أن تكون كاذبة . وذلك أنه لا مانع يمنع من أن تكون أغير موجودة لشىء من ح ، وتكون ح موجودة لكل ب ، مثل ألا يكون الحيوان موجودا للعلم ، والعلم موجود للموسيقى . وليس مانع يمنع من أن تكون أولا لشىء من ح ، وح أيضا ولا لشىء من ب . فمن البين أنه إذا لم يكن الأوسط تحت أ، أمكن أن تكون كلتا المقدمتين كاذبتين . وقد يمكن أن تكون احداهما ، أيهما اتفق . » التفسير لما ذكر كيف يعرض الغلط فى الموجب الكلى فى الشكل الأول بحد مناسب ، وبحد قريب من المناسب - ، ذكر أيضا كيف يعرض فيما ليس بمناسب ولا قريب من المناسب . فقوله : « فأما متى لم يكن القياس بوسط مناسب » - يعنى القياس على القياس الموجب الكاذب . ثم قال : « بمنزلة ما تكون ح تحت أ» - يريد : بمنزلة ما يعرض إذا كان الحد الأوسط داخلا تحت الحد الأكبر ، أى تكون أمحمولة على كل ب فى أصل الأمر ، وتكون ح مسلوبة عن جميع ب ، فإنه لا يغلط فى هذه المادة إلا بأن تبقى الكبرى صادقة على هيئنها ، أعنى موجبة ، ويغلط فى الصغرى فتؤخذ موجبة بدل كونها سالبة ، وحينئذ ينتج أن أعلى كل ب بوسط ح . وإنما كان ح فى أصل الأمر هاهنا وسطا غير مناسب ، لأنه ليس يقتضى بطبعه سلب أعن ب ، إذا كانت الصغرى فيها سالبة ، والكبرى موجبة . وذلك غير منتج ، بحسب ما تبين فى كتاب « القياس » . وقوله :« من قبل أن أيمكن أن توجد لأشياء كثيرة بعضها ليس تحت بعض « - يريد : وإنما عرض أن يكون مثل هذا وسطا غير مناسب ، من قبل أن أتوجد فى أشياء كثيرة يسلب بعضها عن بعض . فمتى سلب واحد منهما عن الأخر ، وأوجبت أله ، عرض لها على ذلك أن تنتج سالبا فيما هو موجب . يريد : وذلك إذا كانت المقدمة الصغرى سالبة ، أمكن أن تنتج القياس مرة موجبا ، ومرة سالبا : أما موجبا فمتى عرض أن تكون أموجودة في أشياء كثيرة مسلوب بعضها عن بعض ، وأخذ واحد من تلك الأشياء حدا أوسط ، مثل أن الحيوان موجود فى الفرس ، والحمار ، والإنسان . وهذه كلها مسلوبة بعضها عن بعض . فإذا أخذنا : ولا فرس واحدا حمار ، وكل حمار حيوان - ظن أن هذا التأليف منتج ، وأنه : ولا فرس واحدا حيوان . وذلك كذب . وقوله : « أيضا إن لم تكن ح تحت أ، فمن البين أن هذه دائما تكون كاذبة ، لأنها تؤخذ موجبة » - يريد : وأما متى كان الحد الأوسط مسلوبا عن الطرف الأكبر ، فمن البين أن الكاذبة تكون أبدا هى الكبرى ، لأنها تؤخذ موجبة - يريد أنه متى كان الحد الوسط غير مناسب ، من قبل أنه مسلوب عن الطرف الأصغر وموجود للأكبر ، فإن الكاذبة أبدا تكون الصغرى . وأما متى كان الحد الأوسط مناسبا ، وهو أن يكون مسلوبا عن الطرف الأكبر وموجبا للأصغر ، فإن الكبرى تكون هى الكاذبة ضرورة - أعنى فى القياس الذى تعرض فيه الخدعة فى أن يظن أنه ينتج موجبة كلية من قبل كذب المقدمات . وقوله : « وأما ح ب فقد يمكن أن تكون صادقة ، وقد يمكن أن تكون [٨٠ أ]* كاذبة ، وذلك أنه لا مانع يمنع من أن تكون أغير موجودة لشىء من ح ، وتكون ح موجودة لكل ب ، مثل ألا يكون الحيوان موجودا للعلم ، والعلم موجود للموسيقى » - يريد : فأما المقدمة الصغرى ، وهى حمل الطرف الأوسط على الأصغر ، فقد يمكن أن تكون صادقة إذا كان الحد الأوسط مناسبا ، لأنها تؤخذ موجبة على ما هى عليه ، مثل كون الحيوان مسلوبا عن العلم ، والعلم موجود للموسيقى . فإذا أخذ أحد أن كل موسيقى علم ، وكل علم حيوان ، أنتج لنا كذبا عن كبرى كاذبة وصغرى صادقة . وأما متى كان الحد الأوسط غير مناسب ، بأن يكون مسلوبا عن الطرفين ، فإن كلتيهما تكون كاذبة . فإذن متى كان الحد الأوسط المأخوذ فى القياس الموجب الكاذب مسلوبا عن الطرف الأكبر ، فإن الكبرى تكون أبدا كاذبة ، من أجل أنها توجد موجبة . وأما الصغرى فقد تكون كاذبة إذا اتفق أن يكون الحد الأوسط - مع أنه مسلوب عن الأصغر- مسلوبا أيضا عن الأكبر . وقد تكون صادقة إذا كان الحد الأوسط موجودا للأصغر ومسلوبا عن الأكبر . وهذا هو الذى أراد بقوله : « وأما أن ح ب فقد يمكن أن تكون صادقة ، وقد يمكن أن تكون كاذبة » يعنى الصغرى . ولما ذكر أن الكبرى تكون كاذبة ولا بد ، وأن الصغرى تكون بالأمرين ، أتى بالمثال والمادة التى تكون فيها الصغرى صادقة ، فقال : « وذلك أنه لا مانع يمنع من أن تكون أغير موجودة . . . » إلى قوله : «. . . موجودا للموسيقى » - يريد : وذلك يكون إذا كانت الكبرى سالبة ، والصغرى موجبة ، أعنى فى نفسها . مثال ذلك أن الحيوان هو مسلوب عن العلم ، والعلم موجود للموسيقى . فإذا أخذ الإنسان على جهة الغلط - أن كل موسيقى عالم ، وأن كل عالم حيوان غير ناطق - فقد أنتج نتيجة كاذبة عن مقدمتين إحداهما كاذبة وهى الكبرى ، والثانية صادقة وهى الصغرى . ولما ذكر المادة التى تكون فيها الصغرى صادقة ذكر المادة التى تكون فيها الصغرى كاذبة ، فقال : « وليس مانع يمنع أن يكون أولا لشىء من ح ، وح ولا لشىء من ب » - يريد : وتكون الصغرى كاذبة ، إذا كان الحد الأوسط مسلوبا عن الطرفين كليهما ، فأخذه الغالط موجبا لكليهما . وذلك أنه لا مانع يمنع من أن تكون أالتى هى الطرف الأكبر غير موجودة لشى من ح والذى هو الأوسط ، وتكون ح أيضا غير موجودة للأصغر الذى عليه ب ، فتؤخذ المقدمتان موجبتين فتكون كلتاهما كاذبة . ولما ذكر أن هذين الصنفين يعرضان متى كان الحد الأوسط مسلوبا عن الأصغر أعنى أن يكون [ ٨٠ ب ] القياس مقدمتاه كاذبتان وأن تكون الكاذبة هى الصغرى - أجمل ذلك فقال : « فمن البين أنه إذا لم يكن الحد الأوسط تحت أ، أمكن أن يكون كلاهما كاذبا . وأنت فينبغى لك أن تفهم أنه إنما يكون كلاهما كاذبا إذا كان الحد الأوسط غير مناسب من جهة ما هو أن يكون مسلوبا عن الطرفين ؛ وتكون الكبرى فقط هى الكاذبة متى كان الحد الأوسط مناسبا . لكن قد يقول القائل : فكيف أدخل هذين القسمين فى ذكره الحد الغير مناسب ؟ فنقول : إن التعليم فى هذا قد يمكن أن يؤخذ بجهتين : أعنى أن تعدد أصناف هذه المقاييس التى حددها مناسبة على حدة ، وأصنافها التى تكون بلا حدود مناسبة على حدة . وقد يمكن أن يؤخذ التعليم لها مشتركا ، كما فعل هاهنا . فنقول مثلا ، إن الحد الأكبر إذا كان مسلوبا عن الأوسط فلا يخلو أن يكون مسلوبا عن الأصغر أو غير مسلوب . فإن كان غير مسلوب ، كانت الكاذبة هى الكبرى . وإن كان مسلوبا ، كانت كلتاهما كاذبة . فإن متى كان الحد الأوسط مسلوبا عن الأكبر ، أمكن أن تكون الصغرى صادقة ، وأمكن أن تكون كاذبة : أما كاذبة فمتى < كان > الحد غير مناسب ، وأما صادقة فمتى كان الحد مناسبا . وهذا هو الذى أراد بقوله : « فمن البين أنه إذا لم يكن الأوسط تحت أأمكن أن تكون كلتاهما كاذبة » . قال أرسطاطاليس : « فقد ظهر وبان كيف يقع الاختداع فى المقدمات ذوات الأوساط ، وفى المقدمات التى لا أوساط لها ، وعلى كم ضرب يكون ، وبأى شروط وخواص » التفسير قوله : « وعلى كم ضرب يكون » - يعنى : على كم صنف يكون . ويشبه أن يكون عنى بذلك ما يكون منها فى الشكل الأول ، وما يكون منها فى الشكل الثانى . وقوله : « وبأى شروط وخواص » - يريد أنه ليس يعرض فى أمثال هذه المقاييس الغلط متى كان الكذب فيها فى أى مقدمة اتفقت ، بل منها ما يمكن أن يعرض الكذب فيه من قبل الكذب فى مقدمة محدودة ، وبعضها يمكن أن يعرض ذلك فيها فى أى مقدمة اتفقت ، وبعضها ليس يمكن أن يعرض الكذب فيها إلا إذا كان فى المقدمتين جميعا ، على ما تبين من قوله فى هذه الأشياء . والفرق بين الخواص والشروط ، أن الشروط هى التى ليس يمكن أن يكون الإنتاج إلا بها ، والخواص هى التى تخص صنفا من أصناف هذه المقاييس . فالجهة التى بها الشىء : شرط هى غير الجهة التى بها الشىء : خاصة وإن كان ذلك شيئا واحدا بعينه . [٩٢ أ] ويشبه أن تكون الشروط هاهنا والخواص إنما تقترن بالجهة ، لا بالموضوع . مثال ذلك أن شرط الشكل الأول الذى ينتج الكذب الموجب بحد مناسب أن تكون المقدمة الكبرى فيه هى الكاذبة ، وأن تكون الصغرى صادقة . وهذه إن لم توجد فى غيره فهى خاصة له . وإن وجدت فى غيره فهو شرط ليس بخاصة . هذا إن كان استعمال الخاصة بخصوص . وأما إن كان استعمالها بعموم ، فكل شرط خاصة .
١٨ - < من فقد حسا فقد علما ، الجهل بوصفه نفيا للعلم >
पृष्ठ 414