शरह अरबाइना नवविय्या

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
123

शरह अरबाइना नवविय्या

شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية

प्रकाशक

مؤسسة الريان

संस्करण संख्या

السادسة

प्रकाशन वर्ष

٢٠٠٣ م

الحديث ما يدل على أن رسول الله ﷺ حض على التشبه بالغريب لأن الغريب إذا دخل بلدة لم ينافس أهلها في مجالسهم ولا يجزع أن يراه أحد على خلاف عادته في الملبوس ولا يكون متدابرًا معهم وكذلك عابر السبيل لا يتخذ دارًا، ولا يلج في الخصومات مع الناس يشاحنهم، ناظرًا إلى أن لبثه معهم أيام يسيرة: فكل أحوال الغريب وعابر السبيل مستحبة أن تكون للمؤمن في الدنيا لأن الدنيا ليست وطنًا له. لأنها تحبسه عن داره وهي الحائلة بينه وبين قراره. وأما قول ابن عمر: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء" فهو حض منه على أن المؤمن يستعد أبدًا للموت. والموت يستعد له بالعمل الصالح. وحض على تقصير الأمل: أي لا تنتظر بأعمال الليل الصباح. بل بادر بالعمل، وكذلك إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وتؤخر أعمال الصباح إلى الليل. قوله: "وخذ من صحتك لمرضك" حض على اغتنام صحته فيجتهد فيها خوفا من حلول مرض يمنعه من العمل. وكذلك قوله "ومن حياتك لموتك" تنبيه على اغتنام أيام حياته لأن من مات انقطع عمله وفات أمله وعظمت حسرته على تفريطه وندمه وليعلم أنه سيأتي عليه زمان طويل وهو تحت التراب لا يستطيع عملا ولا يمكنه أن يذكر الله ﷿ فيبادر في زمن سلامته فما أجمع هذا الحديث لمعاني الخير وأشرفه. وقال بعضهم: قد ذم الله تعالى الأمل وطوله وقال: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ ١. وقال علي ﵁: "ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون

١ سورة الحجر: الآية ٣.

1 / 133