أركان الإسلام 3 - " عن أبي عبد الرحمن - عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان " رواه البخاري ومسلم " .
......................................................
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى يعني أن هذه الخمس أساس دين الإسلام وقواعده التي عليها بني وبها يقوم وإنما خص هذه بالذكر ولم يذكر معها الجهاد مع أنه يظهر الدين ويقمع عناد الكافرين لأن هذه الخمس فرض دائم والجهاد من فروض الكفايات وقد يسقط في بعض الأوقات.
وقد وقع في بعض الروايات في هذا الحديث تقديم الحج على الصوم وهو وهم، والله أعلم لأن ابن عمر لما سمع المستعيد يقدم الحج على الصوم زجره ونهاه عن ذلك وقدم الصوم على الحج وقال: " هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وفي رواية لابن عمر: " بني الإسلام على أن تعبد الله وتكفر بما سواه وإقام الصلاة " إلى آخره، وفي رواية أخرى " أن رجلا قال لعبد الله بن عمر ألا تغزو فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الإسلام بني على خمس " وقع في بعض الطرق على خمسة بالهاء وفي بعضها بلا هاء وكلاهما صحيح.
وهذا الحديث أصل عظيم في معرفة الدين وعليه اعتماده فإنه قد جمع أركانه.
الأعمال بخواتيمها
4 - " عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: " أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " رواه البخاري ومسلم " .
......................................................
قوله: " وهو الصادق المصدوق " أي الصادق في قوله المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم.
قال بعض العلماء معنى قوله: " إن أحدكم يجمع في بطن أمه " إن المني يقع في الرحم متفرقا فيجمعه الله تعالى في محل الولادة من الرحم في هذه المدة، وقد جاء عن أبن مسعود في تفسير ذلك " أن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله تعالى أن يخلق منها بشرا طارت في بشر المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تصير دما في الرحم فذلك جمعها وهو وقت كونها علقة " .
قوله: " ثم يرسل إليه لملك " يعني الملك الموكل بالرحم.
قوله: " وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة " إلى آخر ظاهر الحديث أن هذا العامل كان عمله صحيحا وأنه قرب من الجنة بسبب عمله، حتى بقي له على دخولها ذراع، وإنما منعه من ذلك سابق القدر الذي يظهر عند الخاتمة فإذا الأعمال بالسوابق لكن لما كانت السابقة مستورة عنا والخاتمة ظاهرة جاء في الحديث: " إنما الأعمال بالخواتيم " يعني عندنا بالنسبة إلى اطلاعنا في بعض الأشخاص وفي بعض الأحوال، وأما الحديث الذي ذكره مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة " فيما يبدو للناس وهو من أهل النار فإنه لم يكن عمله صحيحا في نفسه وإنما كان رياء وسمعة فيستفاد من ذلك الحديث ترك الالتفات إلى الأعمال والركون إليها والتعويل على كرم الله ورحمته.
وقوله قبل ذلك: " ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله " هو بالباء الموحدة في أوله على البدل من أربع كلمات.
पृष्ठ 9