============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية في إحداهما سمسم والأخرى ماء، فجعلت تأكل من ذا وتشرب من ذا فقلت: حسبي فتبت.
ولما تكلم بعلوم لدنيه -لا علم لأهل مصر بها - وشوا به إلى خليفة بغداد فحمل إليه في جماعة مغلولا، فقدم للقتل، فكلم الخليفة، فأعجبه فأطلقه ورفقته.
وقال: إن كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم.
ولما حبس لم يأكل في السجن إياما، فكانت له أخت تبعث له من مغزلها طعاما على يد السجان فلا يأكله فعاتبته بعد، فقال: كان حلالا، لكن جاءني على طبق ظالم وأشار إلى يد السجان، قال الغزالي: وهذا غاية الورع.
ومن مقاماته العلية الفائقة وأحواله المدهشة الخارقة أن روحه الشريفة كانت تدبر أجساما متعددة.
فقد قال العارف ابن عربي: الروح الواحد يدبر أجساما متعددة، إذا كان له الاقتدار على ذلك، ويكون ذلك في الدنيا للولي بخرق العادة، وفي الآخرة فإن نشأة الإنسان تعطي ذلك.
قال: وكان ذو النون المصري وقضيب البان ممن لهما هذه القوق فكما يدبر الروح الواحد سائر أعضاء البدن من يد ورجل وسمع وبصر، وكما تؤاخذ النفس بأفعال الجوارح على ما وقع منها، فكذا هذه الأجساد التي تدبرها روح واحدة، أي شى وقع منها يسأل عنه ذلك الروح الواحد سائر أعضاء البدن من يد ورجل وسمع وبصر، وكما تؤاخذ النفس بافعال الجوارح على ما وقع منها فكذا هذه الأجساد التي تدبرها روح واحدة، أي شى وقع منها يسأل عنه ذلك الروح الواحدة، وإن كان عين ما يقع من هذا الجسم عين ما يقع من الآخر انتهى.
وأقام سهل سنين لا يسند ظهره للمحراب ولا يتكلم، فلما كان ذات يوم بكى واستند وتكلم، وبالغ في إبراز المعاني العجيبة، فقيل له فيه فقال: كان ذو النون بمصر حيا فما تكلمت ولا استندت إجلالأ له، الآن قد مات فقيل لي: تكلم فقد أذنت.
ومن فوائده: من راقب العواقب سلم.
وقال: إياك أن تكون للمعرفة مدعيا، أو بالزهد محترفا، أو بالعبادة متعلقا، وفر من كل شيء إلى ربك.
पृष्ठ 27