Sharh al-Wiqayah

شرح الوقاية

अन्वेषक

صلاح محمد أبو الحاج

प्रकाशक

دار الوراق

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1426 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

عمان

الإهداء أهدي أجر وثواب هذا العمل إلى روح جدَّتي العزيزة الغالية التي افتقتدتها في الأيام الماضية عسى الله ﷿ أن ينفعها به في برزخها وأن يجعله ذخرًا لها يوم القيامة

1 / 6

كلمة الأستاذ الدكتور عبد الملك السعدي المشرف الأول على رسالة الدكتوراه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على مصطفاه، وعلى آله وأصحابه، ومَن تبع هداه. وبعد: فكان من فضل الله علي أن منحني مواكبة صنيع الدكتور صلاح محمد أبو الحاج في دراسته وتحقيقه للكتاب الموسوم «شرح الوقاية» لصدر الشريعة إشرافًا ومتابعة، فوجدتُه شابًا له باعه الطولى في التحقيق والتدقيق، وأهلًا لخوض معركة تحقيق التراث، وفارسًا في ميدان حلبته فقد أجاد وأفاد، ولم يغادر غامضة إلاَّ وضَّحها ولا عويصةً إلا شرحَها وبيَّنها. فقد وشَّحَ هذا الكتاب بتحقيقات عليّة وتعليقات سنيّة إلى أن صار الكتاب إلى ما هو عليه اليوم، فقد ساهم مع أهل التحقيق في إخراج هذا الكنْز من رفوف الحبس والإهمال إلى رفوف الخزانات في المكتبة الإسلامية، وليصطف إلى جانب تلك المصنفات لإرفاد الدارسين والطالبين والمتعلمين والقارئين. ولا غرابة أن أنصفته لجنة المناقشة حينما منحته درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية بتقدير ممتاز مع إيصائها بطبعه. فبارك الله في أبي الحاج، وجعله صلاحًا له وللأمة، وزاده عطاء علميًا وتقى. طالبًا له من الله التوفيق، ومنه صالح الدعاء. والحمد لله رب العالمين أ. د عبد الملك عبد الرحمن السعدي العراقي جامعة مؤتة كلية الشريعة ١٥ رجب ١٤٢٣ ٢٣ أيلول ٢٠٠٢

1 / 7

كلمة الأستاذ الدكتور محمد رمضان عبد الله المشرف الثاني على رسالة الدكتوراه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين. أما بعد: فهذه الرسالة الموسومة «شرح الوقاية» لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود العُباديّ المحبوبي الحنفي التي قام بتحقيقها ودراستها الباحث صلاح محمد سالم أبو الحاج قد تمّت بإشرافي، وهي رسالةٌ ممتازة أتى فيها الباحثُ بكلِّ ما يطلب منها من حيث تحقيقها ودراستها بشكل رائع. والباحث صلاح محمد سالم من أهل العلم؛ إذ أنه لم يكن مكتفيًا بما تلقاه في دراسته الأكاديمية في كلية العلوم الإسلامية، بل كان يحضر دروس المشايخ في المساجد حيث درس مختلف علومنا الإسلامية في المساجد كشرح عقائد الدواني والمطول في البلاغة وهذا ما أشهده له بحضوره في دروسي التي ألقيتها في جامع البنية وجامع الإمام أحمد بن حنبل، وقد درس على غيري من مشايخ العراق؛ فلذلك أتوقع له مستقبلًا علميًّا جيدًا، وأسأل الله ﷾ أن يوفِّقه لخدمة العلم والدين. أ. د محمد رمضان عبد الله ٢٠ ربيع الأول ١٤٢٣ هـ ١ حزيران ٢٠٠٢ م

1 / 8

كلمة الأستاذ الدكتور فرج توفيق الوليد رئيس لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الهداة وأصحابه التقاة، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم لقاه. أما بعد: فقد ناقشت الدكتور صلاح محمد سالم أبو الحاج في أطروحته للدكتوراه الموسومة «شرح الوقاية» بعد قراءتها، ووجدت فيها مادةً علميّةً قيمة وممتازة، لا سيما وأنها تخصّ كتابًا من أبرز كتب الفقه في المذهب الحنفي؛ لذلك فالرسالة تعدُّ لبنة كبرى ومهمة من لبنات البناء الذي اختطته كلية العلوم الإسلامية جامعة بغداد في تحقيق أمهات الكتب الإسلامية وإخراجها إلى النور بعد سباتها العميق في طيات المكتبات العامة. بارك الله للدكتور أبي الحاج جهوده وأمدَّه الله لأن يتحفنا بتحقيقات جديدة، وبمستوى رسالته هذه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أ. د فرج توفيق حمود الوليد ١٩/ ٥/ ٢٠٠٢

1 / 9

كلمة الأستاذ الدكتور محيي هلال السرحان أحد أعضاء لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه بسم الله الرحمن الرحيم بين يدي الكتاب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن سار على هداه. أما بعد: فإن كتاب «الوقاية» وشرحها من الكتب النفيسة في الفقه الحنفي، ولقد طالما منيت النفس برؤيتها؛ إذ كان الحصول على نسخة مخطوطة أسهل من الحصول على نسخة مطبوعة منه، علمًا بأنه قد طبع أكثر من طبعة، وفي أكثر من قطر، فلَمَّا اتّجهت همّة ولدنا العزيز الدكتور صلاح إلى تحقيقه، فرحت كثيرًا، لكنني أشفقت عليه لكثرة مخطوطات الكتاب وتفرّقها في مشارق الأرض ومغاربها، ولكن دأبه وحرصه وهمّته العالية ذلَّلت تلك الصعوبات، فجاء تحقيقه للكتاب فخرًا عظيمًا يفخر به؛ إذ قد بذل جهدًا عظيمًا في قراءته، ومقابلة نسخه المخطوطة، وخدمة النصّ بتوثيقه، وتخريج أحاديثه، وشرح بعض غوامضه، وترجمة أشهر الرجال المذكورين، والإحالة على مصادر مسائله بروح عالية من التواضع والإخلاص والدقة والأمانة العلمية. فجزاه الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين؛ بإحيائه هذا التراث النفيس، والأثر الخالد، ووفقه الله، وأخذ بأيدينا وأيديه إلى ما فيه الخير، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، وإنه لنعم المولى ونعم النصير. أ. د محيي هلال السرحان ٢٠ ربيع الأول ١٤٢٣ هـ ١ حزيران ٢٠٠٢ م

1 / 10

كلمة شيخنا العلامة قاسم بن نعيم الطائي الحنفي الإمام والمدرس بمدرسة السليمانية ببغداد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي زيَّن الوجود بعرفان الكَمَلة من عبادِه الأعيان، وأَناطَ بعُهدتِهِم القيامَ بمهمات الأمور في جميع الأحيان، فهم النخبةُ الذين بهم ينتظم أمر الدين والدنيا، وهم الخلاصةُ الذين تبوّؤا أسمى الدرجات العليا، فسبحانه من إله استوجبَ دوام الحمد من جميع الخلائق، على ذلك الاعتناء الذي هو من أجل إنعامه الفائق، والصلاة والسلام على الفرد المتولّي رئاسة الختام سيدنا محمّد أشرف الرسل العظام الذي جاء بالحقّ، وبه الباطل زهق، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار، ما دام الليل والنهار أما بعد: فإنّ الأئمة الفقهاء قد بذلوا الجهود في تحقيق المسائل الشرعية، وتدقيق النظائر الفرعية، واستنباط أحكام الفروع من أدلتها التفصيلية، فاتفاقهم حجّة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة، قوام الدين بهم، وثبات الشرع بفقههم. ومن الفقهاء المبرزين الذين شاع فقههم في الأمصار، واشتهر آثار علمهم في الأقطار، ونقلت أقوالهم وأنظارهم بطريق التواتر والاشتهار، الأئمة الأربعة المتبوعون أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد نجومُ الفقهِ وتنميةِ المَلَكات، وبهم الناسُ يهتدون في الظلمات. وكان الإمام الأعظم والمجتهد الأقدم أبو حنيفة النعمان الكوفي ﵁ من أوائل الفقهاء تأصيلًا وتدليلًا، واستنباطًا وتعليلًا، بل كان أوّل من أقامَ مجلسًا فقهيًا عظيمًا يضم كبار الأئمة من أصحابه ينظر معهم في الأدلة والنوازل ويناظرهم، ويحقق المسائل، ويدقق الدلائل، وقد يبقى في المسألة شهرًا ناظرًا وعيناه في لذّة السَّهَر ناضرةٌ. ثمّ إذا ما استعرضَ هو وأصحابُه الأدلةَ، ودقَّقوا النظرَ في وجوه الدلالة بَتُّوا في المسألة، وما قلناه مشروح في كتب الحنفية التي ذكرت طريقة تفقيه الإمام الأعظم

1 / 11

لأصحابه، وهو أعظم ردّ لكلِّ أفاكٍ يتهمُ هذا الإمام في خروجه عن طريق سلف الأمة في الاستنباط والنظر. ولو وقع منه - فرضًا وتقديرًا - خطأ في ذلك لردّه أصحابه الأئمة الفقهاء والمحدثون إلى الصواب، فهذا أبو يوسف إمامٌ مقدّمٌ في حفظِ الآثارِ وأقضية الصحابة والتابعين، والحسن بن زياد إمامٌ مقدّمٌ في التفريع والسؤال، وزفر بن الهذيل إمامٌ مقدّمٌ في القياس، ومحمّد بن الحسن إمامٌ مقدّمٌ في الفطنة وعلم الإعراب والحساب، وعبد الله بن المبارك مقدّمٌ في معرفة الرجال وحفظ الأقوال، وداود الطائي إمامٌ مقدّمٌ في الورع والزهد وضبط الأحوال، وغير هؤلاء ممن جُمِعَ فيهم علوم المعقول والمنقول. وكان أكثر أصحابه تأليفًا وجمعًا للمسائل وتصنيفًا محمد بن الحسن، فإنّه رحمه الله تعالى كتب المصنّفات التي جمعت قولَ شيخيه: أبي حنيفة وأبي يوسف، ودلائلهما ومداركهما الفقهية، وقولَه في المسائل الفرعية ودقّتَه في فهم كلام العرب وتقعيدِ قواعد المذهب. لذا أصبحت مرجعًا لفقهائنا الحنفية، عليها يعوّل ويعتمد، وإليها يرجع ويستند، ولما جاء دور أصحاب أصحابه جمعوا ما كتبه وضمّوا إلى ذلك ما قرَّروه في المسائل التي لا رواية للإمام وأصحابه فيها، وما رجَّحوه فيما ظهر لهم من وجوه الترجيح. ثمّ جاء دور المتأخِّرين فاختصروا مطوّلات المتقدمين تسهيلًا؛ لحفظ المذهب، وجمعوا الأشباه والنظائر، وميَّزوا ظاهر الرواية عن غيرها، ووسَّعوا وجوه التعليل، ونصُّوا على الصحيح المختار والمفتى وما عليه الاختيار، شكَّرَ الله سعيهم. وكان ممن جمع عيون الروايات ومتون الدرايات مؤلف «الوقاية» صدر صدور فقهاء عصره الإمام الشيخ برهان الشريعة محمود المحبوبي رحمه الله تعالى، فإنّه جَمَع فأوعى بأحسن عبارة وألطف إشارة مع إيجاز في التقرير ودقّة في التعبير. لذلك امتدت أعناق ذوي التحقيق نحو حقيقته واشتدت رغباتهم في الاعتناء بحلّ لفظه وتطبيقه، فكتبوا له شروحًا، وجعلوه مبيّنًا مشروحًا. وكان شرح عين عيون الفقهاء، صدر الملة والشريعة، الإمام الشيخ عبيد الله بن مسعود المحبوبيّ من أوسع الشروح وأنفعها وأدقّها وأجمعها؛ لما حوى من دفع إيرادات، وحل إشكالات، وزيادة فرائد سوانح خطرت بالبال، وفوائد عوائد أهل الفضل والكمال.

1 / 12

وكم كانت النفوس تتوق لرؤية هذا الشرح مطبوعًا تتناولة الأيدي حتى نهض أخونا وفرحة خاطرنا المفضال الهمّام، صاحبُ الذهنِ الثاقب، والرأيِ الصائبِ، فضيلةُ الدكتور صلاح أبو الحاج - دام عمره في عافية ـ، فأخرجه من دور المخطوطات وقابله وصحَّحه وبلغ في تنقيحه أقصى جهده، وكم ترك المنام لفتح المغلقات، وكتابة التعليقات، وترك الأحبة لجمع المتفرِّقات حتى أكمل هذا العمل الشاق. وقد أطلعني فضيلتُه على تعليقاتِه التي استقاها من مصادر معتمدة، ومراجع مهمة محررة مخطوطة ومطبوعة، فقرأت كلَّ المتن والشرح والتعليقات فوجدتُ ما كتبَه حريًّا بالقبول لجمعه المعقول والمنقول، واشتماله على الفروع والأصول، بعبارات جزيلة وإشارات جليلة، فبَخٍ بَخٍ لمساعيه الخيرية، وأعماله المرضية، ووفَّقه الله لكلِّ خير ودفع عنه كلَّ ضير، إنه أكرمَ مسؤول وخير مأمول. هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيِّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم، كلَّما ذكرك الذاكرون، وغَفِلَ عن ذكرك وذكره الغافلون. وكتبه الفقير إلى ألطاف مولاه الغني قاسم بن نعيم الطائي الحنفي الإمام والمدرس في مسجد ومدرسة السليمانية ببغداد المحمية

1 / 13

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي رزقنا الهداية، ورحمنا بالعناية، ونجَّانا بالوقاية، وأسلكنا السبيل بالنقاية، فمنه الدراية، ورضاه الغاية، والصلاة والسلام على المصطفى برهان الشريعة، وعلى صحابته وتابعيه الذين هم صدر الشريعة، ومَن تبعهم بإحسان وسار على دربهم إلى يوم القيام. أما بعد: فإنّ دراستي في مرحلة الماجستير كانت عن أحد متأخّري الأحناف المحقِّقين، وهو الإمام اللكنوي، وقد لمستُ فيها عظم الفقه الحنفيّ، والحاجة إلى ضبط مسائله ودقائقه الفريدة؛ إذ كان المعوّل عليه في الحكم والقضاء والفتوى في أكثر الخلافات والدول الإسلامية التي مضت، فعاشر الناس وعايشهم، وبنايته كانت على حسب حاجتهم. والحاجة إلى الاختصاص مطلوبة؛ لأن العلومَ كثيرةٌ ومتفرِّعة، وكلٌّ منها له دقائقه الخاصّة به، التي لا يدركها إلا غاص فيه، ولا سيما أن الإحاطة بالعلوم مستحيلة: ما حوى العلم جميعًا أحد … لا ولو مارسه ألف سنة إنما العلم منيع عوره … فخذوا من كل علم أحسنه (^١) وفي هذا العصر خاصّة امتازت الشعوب عن بعضها بقدر اهتمامها بالتخصص: أي بعناية كلِّ فردٍ منها بأمر والتعمُّق فيه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا؛ لمعرفة كنوزه وأسراره وإبرازها للناس.

(^١) ينظر: «مفتاح السعادة» (١: ٦).

1 / 15

ومن أشرف العلوم الشرعية علم الفقه إذ هو ثمرتها العملية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم اليومية، فبأحكامه يتعبُّد الناسُ ربَّهم، وتنتظم الحياة فيما بينهم، وهو من العلوم الصعبة التي تحتاج إلى التفرّغ التامّ لضبطه وإدراك جزئياته، قال ساجقلي زاده: فن الفقه أصعب الفنون وأطولها، وهو علم الأئمة المجتهدين، وأغلب ما يحتاج إليه العالمون، بحر لجيّ، لا يغوص فيه إلا ذكي أوحديّ ماهر في أصوله، ولا تحصل البضاعة فيه إلا بسعي بليغ في مدّة مديدة بهمة عالية بدراسة مثل كتاب «الهداية» مع شرحها الأكمليّ، وأما التبحّر فيه، فهو يكاد أن يستغرق العمر، وكاشف المشكلات فيه، فهو أعزّ من الكبريت الأحمر، ولا تحصى مسائله التي تحيَّر فيها العلماء. انتهى (^١). ولا ينقص من مكانة الفقه قلّة المشتغلين والمعتنين به، وإعراض الناس عنه: عاب التفقهَ قومٌ لا عقول لهم … وما عليه إذا عابوه من ضرر ما ضرَّ شمس الضحى والشمس طالعة … أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر (^٢) ورغبتي للتخصص في الفقه الحنفي جعلتني أبحث عن أشهر كتبه وأكثرها إتقانًا وتحقيقًا واعتمادًا في المذهب، وفي الوقت نفسه لم يخدم ولم يطبع طبعة محقَّقةً تليق بمكانته، فيكون تحقيقُه سبيلًا لضبطي المذهب، وسببًا في استفادة الناس منه، ونشره في البلاد وبين العباد، فرأيت ما أردت متحقّقًا في «شرح الوقاية» لصدر الشريعة، فـ «الوقاية» تعتبر أحد المتون الثلاثة أو الأربعة المعتمدة في المذهب الحنفي، وعليها التعويل في الفتوى، وأشهر شروحها هو شرح صدر الشريعة الذي ألف جدُّه «الوقاية» من أجلِّه، فإذا أطلق أريد هو، ووجد هذا الكتاب عناية كبيرةً من علماء المذهب الحنفي، فهو الذي كان يدرس في مدارس الدولة العثمانية، وفي بلاد الهند وغيرها كما سيأتي تفصيله؛ لذلك كثر الشرّاح والمحشّون والمعلّقون عليهما حتى إنِّي جمعت ما يقارب مئة شرح وحاشيةٍ عليهما، وسيأتي ذكرهم في الدراسة، وكذا نظم من قبل أكثر من شخص، وترجم إلى أكثر من لغة، وحدَّثني أحد من يعمل في دار البشائر الإسلامية أنه قد تم طبعه قبل سنوات في دارهم مترجمًا إلى اللغة التركية.

(^١) من «ترتيب العلوم» (ص ١٦٠). (^٢) ينظر: «وفيات الأعيان» (٥: ٢٩).

1 / 16

وليس يزيد الشمس نورًا وبهجةً … إطالة ذي وصف وإكثار مادح (^١) وخطتي في البحث تنقسم إلى قسمين: الأول: في دراسة عن المؤلّفين والكتابين، وتشتمل على فصلين: الفصل الأول: في حياة المؤلِّف والشارح، ويشتمل على تمهيد ومباحث: التمهيد: في العصر الذي عاشا فيه. المبحث الأول: في لقب صدر الشريعة. المبحث الثاني: في اسم صاحب «الوقاية». المبحث الثالث: في نسب صاحب «الوقاية». المبحث الرابع: فيما وقع من العلماء من الخلط في نسب صدر الشريعة. المبحث الخامس: في أسرته العلمية وطلبه للعلم وشيوخه ومن تفقَّه عليهم. المبحث السادس: في مكانة الشارح العلمية وثناء العلماء عليه. المبحث السابع: في تلاميذ الشارح ومنهجه في التدريس. المبحث الثامن: في مؤلفات الشارح. المبحث التاسع: في وفاة الشارح ومكان قبره. والفصل الثاني: في دراسة عن «الوقاية» و«شرح الوقاية»، ويشتمل على مباحث: المبحث الأول: في اسم وسبب تأليف وصحة نسبة «الوقاية»، و«شرح الوقاية» لمؤلفيهما. المبحث الثاني: في مكانة «الوقاية» و«شرح الوقاية» بين كتب الفقه الحنفي. المبحث الثالث: في شروح «الوقاية». المبحث الرابع: في حواشي «شرح الوقاية».

(^١) ينظر: «الضوء اللامع» (٣: ١٣٧).

1 / 17

المبحث الخامس: في منهج الماتن والشارح في المتن والشرح ومميزاتهما. المبحث السادس: في المصادر التي اعتمد عليها صدر الشريعة في «شرح الوقاية». المبحث السابع: في الاصطلاحات الفقهية في «شرح الوقاية» وكتب الأحناف. المبحث الثامن: في مخطوطات «الوقاية». المبحث التاسع: في مخطوطات «شرح الوقاية». المبحث العاشر: ترجة أئمة المذهب الذي تدور على قولهم مسائل الكتاب. المبحث الحادي عشر: في المنهج المتبع في تحقيق الكتاب. المبحث الثاني عشر: في النسخ المعتمدة في تحقيق الكتاب. والثاني: يشتمل على الكتاب محققًا بالكامل. مزيَّنًا بتعليقات منتخبة من أمهات كتب الفقه الحنفي كنت أظمأت نهاري وأسهرت ليلي في جمعها مدَّة سنتين متتاليتين، وحين بدأت فيها أردت أن أجمع في كل مسألة من مسائلها ما وقع من الاختلاف في المذهب، مع بيان المصحح به والمفتى، ولكن ما نعانيه من قيود الدراسات الأكاديمية لم تساعدني في تحقيق ما طمحت فيه، فاكتفيت بما تراه بين يديك، على أن أتتمم ما في نفسي في عمل قادم إن شاء الله تعالى، وسمَّيت هذه الحواشي «منتهى النقاية على شرح الوقاية». ويشرفني في هذا المقام أن أتقدم بالشكر الجزيل لشيخي وأستاذي ومشرفي الفاضل النبيل الأستاذ الدكتور محمد رمضان عبد الله عميد كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد سابقًا، وعميد كلية العقيدة والفكر في جامعة صدام للعلوم الإسلامية الآن على موافقته بقبول الإشراف عليَّ في هذه الرسالة، وعلى نصحه وإرشاده لي. وكذا أتقدم بالشكر الجزيل إلى شيخي العزيز فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الملك السعدي مشرفي الأول على هذه الرسالة، والذي انقطع إشرافه عنِّي بسبب سفره إلى الأردن، ومع ذلك لم ينقطع الودّ والاستشارة له.

1 / 18

وإلى شيخي وأستاذي المفضال الشيخ قاسم بن نعيم الطائي الحنفي الذي كنت أجد عنده ضالتي فيما أبتغيه، وعلى ما بذله من جهد في مراجعة هذا العلم الكبير. كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى رئيس وأعضاء اللجنة الموقَّرة على ما أغدقوا عليَّ من كرمهم بتقديرهم هذا الجهد المبذول؛ إذ أعطوه أعلى درجة وهي: امتياز عالٍ مع التوصية بالطبع على نفقة الجامعة، وشهدوا أثناء المناقشة أن هذه الرسالة تعدَّ أفضل رسالة تحقيق تقدم إلى جامعة بغداد، فالحمد لله على فضله. وفي الختام أسأل الله ﷿ أن أكون وفِّقت فيما قمت به من خدمة لهذا السفر العظيم، وأن يتقبّل منِّي هذا العمل ويجعله خالصًا لوجه الكريم، وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، وأن يغفر لي ولوالدي وجدتي ومشايخي وزجي والمسلمين والمسلمات، وأن ينفع به المؤمنين ويجعله لبنة من لبنات إعادة هذه الأمة إلى دينها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. وكتبه العبد الفقير إلى رحمة ربّه صلاح محمد أبو الحاج ١٩/رجب/١٤٢٣ هـ الموافق ٢٦/أيلول/٢٠٠٢ م في مدينة صويلح/ عمان

1 / 19

الباب الأول الدراسة وتشتمل الدراسة على فصلين، وهما: الفصل الأول: في حياة المؤلّف والشارح الفصل الثاني: في دراسة عن «الوقاية» و«شرح الوقاية»

1 / 21

الفصل الأول في حياة المؤلّف والشارح ويشتمل على تمهيد ومباحث: التمهيد في العصر الذي عاشا فيه. المبحث الأول: في لقب صدر الشريعة. المبحث الثاني: في اسم صاحب «الوقاية». المبحث الثالث: في نسب صاحب «الوقاية». المبحث الرابع: فيما وقع من العلماء من الخلط في نسب صدر الشريعة. المبحث الخامس: في أسرته العلمية وطلبه للعلم وشيوخه ومَن تفقَّه عليهم. المبحث السادس: في مكانة الشارح العلمية وثناء العلماء عليه. المبحث السابع: في تلاميذ الشارح ومنهجه في التدريس. المبحث الثامن: في مؤلفات الشارح. المبحث التاسع: في وفاة الشارح ومكان قبره.

1 / 23

تمهيد عاش المؤلِّفُ والشارحُ في الوقت الذي سيطرَ فيه المغولُ على بلاد ما وراء النهر وعاثوا فيها فسادًا ودمارًا ولا سيما بخارا؛ إذ خربت على يد جنكيزخان عام (٦١٦ هـ)، قال ابن بطوطة (^١) عنها: كانت بُخارا قاعدة ما وراء نهر جيحون من البلاد التي خرَّبها جنكيز التتريّ، فمساجدُها الآن ومدارسُها وأسواقُها خربةً إلاَّ القليل، وأهلُها أذلاّء، وشهادتهم لا تقبل بخوارزم وغيرها؛ لاشتهارهم بالتعصّب ودعوى الباطل وإنكار الحقّ، وليس بها اليوم مَن يُعَلِّم الناس شيئًا من العلم ولا مَن له عناية به. انتهى (^٢). ثمَّ أعيد بناؤها على يد أوكيدى خان، وهو الابن الثالث لجنكيز خان وولي عهده، جلس على العرش بعد أبيه سنة (٦٢٤ هـ)، وفي سنة (٦٣٦ هـ) ثار الشعب ضد المغول وطبقة الملاك، ولكن هذه الثورة أخمدت، وفي سنة (٦٧١ هـ) فتح مغول فارس بخارا وظلّوا يعملون فيها السلب والنهب سبعةَ أيّام متواصلة، فدبّ فيها الخراب وتمّ تخريبها بعد ذلك بثلاثة أعوام على يدي الأميرين جوبه وقان، وهما من الأتراك الجغتاي، وظلّت سبعة أعوام لا تدب فيها نسمة، وفي عام (٦٨٢ هـ) أعاد تعميرها الأمير قيدومسعود بك وجلب إليها السكان، وفي (٧١٦ هـ) أغار عليها مغول فارس مرّة أخرى وأخرجوا أكثر أهلها وأسكنوهم إقليم جيحون مرغمين (^٣).

(^١) كانت رحلة ابن بطوطة لبخارا في أوائل القرن الثامن. وابن بطوطة: هو محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي، أبو عبد الله، المعروف بابن بطوطة، طاف البلاد واتصل بكثير من الملوك والأمراء ومدحهم، وكان ينظم الشعر، واستعان بهباتهم على أسفاره، واستغرقت رحلاته (٢٧) سنة، من مؤلفاته: «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، (٤٠٣ - ٧٧٩ هـ). ينظر: «الدرر الكامنة» (٣: ٤٨٠ - ٤٨١). «إيضاح المكنون» (١: ٢٦٢). «هدية العارفين» (٢: ١٦٩). (^٢) من «رحلة ابن بطوطة» (١: ٢٣٧). (^٣) ينظر: «مقدمة تاريخ بخارا» (ص ١١). و«علماء النظاميات» (ص ١١٥ - ١١٦).

1 / 25

هذا الاضطراب الذي مرّت به بُخارا، وتغيّر أحوال أهلها كما وصف ابن بطوطة أدَّى إلى خروج عائلة المحبوبي منها إلى كِرمان إذ توفِّي بها جدَّي صدر الشريعة كما سيأتي، وعليه تكون نشأة صدر الشريعة في كِرمان. والله أعلم. وسيأتي معنا نصوص تدلُّ على أنّ مكان إقامة صدر الشريعة كان في هرات، ولكنّه كان رغم ذلك على اتصال ببخارا فيذهبُ إليها؛ إذ هي موطن الآباء والأجداد، وكانت وفاته فيها على ما سيأتي. وهرات في القرن الثامن على ما قال ابن بطوطة: أكبرُ المدن العامرة بخُراسان، ومدن خُراسان العظيمة أربع: ثنتان عامرتان، وهما: هرات ونيسابور، وثنتان خربتان وهما: بلخ ومرو، ومدينة هرات كبيرة عظيمة كثيرة العمارة ولأهلها صلاح وعفاف وديانة، وهم على مذهب الإمام أبي حنيفة ﵁، وبلدهم طاهر من الفساد. انتهى (^١). أما هرات الآن: فهي المحافظة الثالثة في أفغانستان - التي يقطر القلب دمًا على ما أصاب المسلمين فيها من قوى الكفر والإلحاد وأذيالهم وما سيصيبهم ـ، وتقعُ هرات إلى الغرب من أفغانستان، وتبعدُ عن كابل (١٠٤٢ كم)، ومنطقتها خضراء يانعة خلاّبة تروى من نهر هريرود اربوس (^٢). وأما بُخارا الآن: فقد قسمت جمهورية بُخارا عام (١٩٢٤ مـ) بين جمهورية تاجيكستان وعاصمتها دوشنبة، وجمهورية أوزبيكستان وعاصتها طشقند، وجمهورية تركمانستان وعاصمتها عشقاباد، وهذه الجمهوريات الثلاث وقعت تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي سابقًا، ومدينة بُخارا إحدى المدن الهامة في جمهورية أوزبيكستان (^٣).

(^١) من «رحلة ابن بطوطة» (١: ٢٤٥). (^٢) ينظر: «هرات تاريخها آثارها» (ص ٩). (^٣) ينظر: «مقدمة تاريخ بخارا» (ص ١٤).

1 / 26

المبحث الأول: لقب صدر الشريعة غلبَ عليه لقبه: صدر الشريعة؛ أكثر من اسمه، وبه عرف بين الطلبة (^١) وفي كتب الفقه والأصول وغيرها، كما لا يخفى على المتتبع، ويبدو لي أن لقبَ صدر الشريعة كان منتشرًا في تلك البلاد وفي ذلك العصر وإن لم يكن عُرِفَ به من أهل العلم سوى المُتَرْجَم، وصار عَلَمًا عليه، يدلُّ على ذلك كلامُ (^٢) ابن بطوطة أثناء حديثه في رحلته (^٣) بين خَوارزم وبُخارا: «وصلنا إلى مدينة الكات … وسمع بقدومي قاضي الكات ويسمَّى صدر الشريعة وكنت لقيته بدار قاضي خَوارزم فجاء إليَّ مسلمًا مع الطلبة …»، وهذا غير المترجم له؛ لأنه ذكره بعد صحيفتين بعبارة سيأتي ذكرها تدلّ على أنه غيره. وسبب إطلاق هذ الألقاب كما نبَّه عليه أصحابُ كتب التراجم (^٤) أنه غَلَبَ على أهلِ خُراسان وما وراء النهر المغالات في الترفُّع على غيرهم: كشمس الأئمة، وفخر الإسلام، وصدر الإسلام، وصدر جهان، وتاج الشريعة، وبرهان الشريعة، وصدر الشريعة، ونحو ذلك، بخلاف ما غلب على فقهاء العراق من السذاجة في الألقاب والاكتفاء بالنسبة إلى صناعة أو محلّة أو قبيلة أو قرية كالجَصَّاص والقُدوري والكَرْخي والصَّيْمريّ، وهذا في الأزمنة المتأخّرة، وأما في الأزمنة المتقدمة، فكلُّهم بريئون من أمثال ذلك.

(^١) ينظر: «كتائب أعلام الأخيار» (ق ٢٨٧/أ)، و«الفوائد البهية» (ص ١٨٥). (^٢) وأيضًا كلام أرمينيوس فامبري في «تاريخ بُخارا» (ص ٢٠٣) الذي ترجمه الدكتور أحمد الساداتي إذ قال: «وبهذا صار رجال الدين بدورهم حماة لمن يعيشون في دائرتهم حتى لنرى ابتداءً من ذلك صدر الشريعة ورؤساء القضاء، بل وكل من يشتهرون بالورع والتقوى يستمتعون في بلاد ما وراء النهر بنفوذ لم تعرف له البلاد الإسلامية الأخرى نظيرًا». اهـ. فالعبارة وإن كانت غير مستقيمة، ولا نعرف إذا كان عدم استقامتها من المؤلّف أو المترجم أو الطبّاع، المهمّ أنه ذكر صدر الشريعة، ولم يرد به شخصًا معيَّنًا وإنما مجموعة من الناس هم من أهل العلم، فلعلَّه وقع نظره كثيرًا على من سمِّي بصدر الشريعة فظنَّ أن مَن كان فقيهًا يسمَّى بذلك، والله أعلم. (^٣) رحلة ابن بطوطة» (١: ٢٣٦). (^٤) ينظر: «الفوائد البهية» (ص ٤٠٩ - ٤١٠).

1 / 27

وأنكر بعضُ العلماء هذه الألقاب: منهم: القرطبيُّ في «شرح أسماء الله الحسنى»، فقال: قد دلَّ الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العرب والعجم من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين، ومحيي الدين، وعلم الدين وشبه ذلك (^١). ومنهم: ابن النحاس (^٢) في «تنبيه الغافلين» عند ذكر المنكرات: فمنها ما عمَّت به البلوى في الدين من الكذب الجاري على الألسن وهو ما ابتدعوه من الألقاب: كمحيي الدين، ونور الدين، وعضد الدين، وغياث الدين، ومعين الدين، وناصر الدين، ونحوها من الكذب الذي يتكرر على الألسن حال النداء والتعريف والحكاية، وكل ذلك بدعة في الدين ومنكر. انتهى (^٣). ولكن اللكنوي (^٤) أجابهم بعد ذكر كلامهم بقوله: هذا إذا لم يكن مَن وُصِفَ به أهلًا له أو كان أهلًا وأرادَ به تزكيةَ نفسه. انتهى (^٥). ويؤيِّدُ هذا أن مَن لُقِّبَ بهذه الألقاب هم كبارُ العلماء والفقهاء العارفين بأحكام الدين، فلو لم يكن ذلك جائزًا شرعًا لَمَا ارتضوه، وأطلقوه على بعضهم. والله أعلم.

(^١) ينظر: «الفوائد البهية» (ص ٤١٠). (^٢) وهو أحمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي الدمياطي، محيي الدين، المعروف بابن النحاس، قال السخاوي: كان حريصًا على أفعال الخير مؤثرًا للخمول كثير المرابطة والجهاد. من مؤلفاته: «مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق»، و«مثير الغرام إلى دار السلام»، و«المنكرات والبدع»، (ت ٨١٤ هـ). ينظر: «الضوء اللامع» (١: ٢٠٣ - ٢٠٤). «الطبقات السنية» (ص ٤٠٩). (^٣) من «الفوائد البهية» (ص ٤١٠). (^٤) وهو محمد عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي الأنصاري الحنفي، وهو أحد مجدِّدي المئة الثالثة عشرة الهجرية، له: «حاشية الهداية»، و«التعليق الممجد على موطأ محمد»، و«الرفع والتكميل في الجرح والتعديل»، (ت ١٣٠٤ هـ). ينظر: «مقدمة التعليق» (١: ١٠٩ - ١١٣). «الإمام عبد الحي» (ص ٥٥ - ٩٠). «المنهج الفقهي» (ص ٢٩ - ١٣٩). (^٥) من «الفوائد البهية» (ص ٤١٠).

1 / 28

المبحث الثاني اسم صاحب «الوقاية» اختلف العلماءُ اختلافًا كبيرًا في اسم صاحب «الوقاية» بعدما اتّفقوا على أنه جدّ لصدر الشريعة الأصغر عبيدِ الله بن مسعود، وابن لصدر الشريعة الأكبر، وأن لقبه برهان الشريعة، وأن جدَّ صدر الشريعة الصحيح هو تاج الشريعة، وهو شارح «الهداية» (^١)، وهذا ما نصّ عليه صدر الشريعة في ديباجة «النقاية» إذ قال: وبعد؛ فإنّ العبد المتوسّل إلى الله بأقوى الذريعة عبيد الله صدر الشريعة بن مسعود بن تاج الشريعة سعد جده، يقول: قد ألّف جدّي ومولاي العالم الربّانيّ، والعامل الصمدانيّ، برهان الشريعة والحقّ والدين: محمود بن صدر الشريعة جزاه الله عنِّي وعن سائر المسلمين خيرَ الجزاء؛ لأجل حفظي كتاب «وقاية الرواية في مسائل الهداية» … الخ (^٢). وقال في ديباجة «التوضيح»: وبعد: فإن العبد المتوسّل إلى الله تعالى بأقوى الذريعة عبيد الله بن مسعود ابن تاج الشريعة سعد جده وأنجح جده. انتهى (^٣). ومثلُه في ديباجة «شرح الوقاية». فعبارة صدر الشريعة تنصُّ على أن جدَّه الصحيح هو تاج الشريعة، وأن له جدًا آخر لقبه برهان الشريعة ألَّف له «الوقاية»، واسمه محمود، فكلامه يحتمل وجهين:

(^١) كون تاج الشريعة هو شارح «الهداية» لم ينصّ عليه صدر الشريعة وإنما اتّفق عليه علماء المذهب الحنفي الذي أكثروا من النقل عنه في كتبهم، والاستفادة من تحقيقاته، منهم: العيني في مواضع كثيرة جدًا من «البناية»، ومنهم ابن الهمام في (١٠) مواضع في «فتح القدير» منها (٨: ١٤)، ومنهم قاضي زاده في (٩٣) موضعًا في «نتائج الأفكار» منها (١٠: ٥١٢)، ومنهم ابن نجيم في (٢٢) موضع في «البحر» منها (٨: ٥٣٦)، ومنهم: ملا خسرو في (٥) مواضع في «درر الحكام» (١: ٢٥٢)، ومنهم: شيخ زاده في (٣) مواضع في «مجمع الأنهر» منها (١: ٤٦٨)، ومنهم: الشرنبلالي في (٢٨) موضعًا من «الشرنبلالية» (٢: ٣٧)، ومنهم: مؤلفو «الفتاوى الهندية» (٣: ٩)، ومنهم: الخادمي في (٣) مواضع في «بريقة محمودية» منها (٢: ١٠١)، ومنهم: ابن عابدين في (١١) موضعًا في «رد المحتار» (٦: ٥١٥) وفي موضعين في «العقود الدرية» منهما (٢: ١٢٧)، وفي (٦) مواضع في «منحة الخالق» منها (٢: ٣٨)، وغيرهم. (^٢) انتهى من «مختصر الوقاية» المسمَّى بـ «النقاية» (ص ٣). (^٣) من «التوضيح» (١: ٤ - ٥).

1 / 29