شرح الواسطية - يوسف الغفيص
شرح الواسطية - يوسف الغفيص
शैलियों
وسطية أهل السنة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [بل هم الوسط في فرق الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم].
ومقصود المصنف بوسطية أهل السنة أنهم عدول خيار في أقوالهم، وفي حكمهم وشهادتهم.
وأما أن هذه الأمة وهي أمة النبي ﷺ وسط بين الأمم، فهو المذكور في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة:١٤٣] ثم قال سبحانه: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة:١٤٣]، فالوسطية التي وصفت بها هذه الأمة هي عدلها وعدل شريعتها، وعدل قيام أهلها بالشريعة، فلا توجد شريعة أعدل ولا أتم ولا أكمل من شريعة محمد ﷺ، ولا يوجد أصحاب وأتباع حققوا شريعة نبي كتحقيق أصحاب محمد ﷺ لشريعة نبيهم، وقد قال ﷺ: (لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق).
ولهذا فليس غريبًا أن يقول المصنف: (بل هم الوسط في فرق هذه الأمة) لأن هذه الأمة وهي أمة النبي ﷺ لما كانت وسطًا بين الأمم، فإنما وسطيتها هو بعدلها، وإقامتها لشريعة الرسول ﵌، ومعلوم أن أحق طوائف المسلمين وأعدلهم بتحقيق شريعة النبي ﷺ هم أهل السنة والجماعة، الذين مبتدؤهم أصحاب رسول الله ﷺ ثم التابعون لهم بإحسان إلى أن تقوم الساعة؛ لقوله ﵊: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله) أو (حتى تقوم الساعة) على تعدد الرواية.
وهي الطائفة الناجية المنصورة التي ابتدأ المصنف بذكرها في مقدم رسالته، بقوله: (أما بعد، فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة).
ولما وصف الله هذه الأمة بأنها وسط، أمكن أن يقال: إن هذه الطائفة الناجية المنصورة أهل السنة والجماعة، فهم وسط بنص القرآن، ووجه النص من القرآن هو نفس قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة:١٤٣] لأن المقصود بالأمة هنا أمة النبي ﷺ، وأحق الأمة في هذه الوسطية هم من اقتفى أثره ﵊، وهم أصحابه، ثم التابعون لهم، وإن كان هذا لا يمنع أن يدخل في الوسطية العامة التي وصفت بها هذه الأمة من عنده نقص في مقام التحقيق للسنة، فإن الوسطية العامة أخص من جهة أنها شهادة، بخلاف الوسطية الخاصة، التي وصفت بها الطائفة الناجية المنصورة، وهم أهل السنة والجماعة، فهي أعم من جهة متعلقاتها.
من هذا الوجه يكون إجماع أهل السنة والجماعة واجبًا على سائر المسلمين أن يتبعوه، ويعنى بذلك إجماع الصحابة ﵃، وهذا الإجماع إجماع معروف ومنضبط.
12 / 2