229

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

शैलियों

مراتب القدر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فيجب الإيمان بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه على كل شيء قدير، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد علم ما سيكون قبل أن يكون، وقدّر المقادير وكتبها حيث شاء، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج:٧٠]].
يقرر الشيخ الآن توحيد الربوبية والقدر، ليبين تلازم الأمرين كما سيأتي بعد قليل، وهذا التقرير هو تقرير لجانب الربوبية وجانب القدر المتعلق بالربوبية أيضًا، لأن الآية هنا قد اشتملت على مراتب القدر الأربع.
فقوله ﷿: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)، هذه المرتبة الأولى.
وقوله: (إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ) هذه المرتبة الثانية.
والمرتبة الثالثة والرابعة تضمنتها عبارة واحدة، وهي قوله تعالى: (إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)، أي: يسير في تقديره، ويسير في خلقه، يسير على الله تقدير المقادير، ويسير على الله خلق المخلوقات، فاجتمعت الرتبتان الأخيرتان من القدر في هذه العبارة.
وعليه فالعلم والكتابة والتقدير والخلق قد اجتمعت في هذه الآية بشكل بين وواضح، وهذا كله تقرير للربوبية، لكن أيضًا له وجه في دخوله في الأصل الثاني: وهو توحيد العبادات؛ ليبين الشيخ مدى وجه التلازم بين الأصلين، وأنه لا فرق هنا، فلا يستطيع هنا أن يقرر توحيد الإلهية دون أن يعتمد على توحيد الربوبية؛ لأن الذي يتأله ويعبد الله ﷿ لابد أن يعرف من يعبد، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة كمال الله ﷿ كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وكما تقتضيه العقول السليمة والفطر المستقيمة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (إن الله قدّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)].
هنا الشيخ قرن النوعين من التوحيد، فعندما قرر توحيد الربوبية والقدر، وبين أن الأصل في تقريرها هذه القواعد العظيمة، بين بعد ذلك أن هذا يوجب توحيد الله بالعبادة، ويجب الإيمان بأن الله تعالى أمر بعبادته وحده؛ لأنه ذكر الأمر قبل ذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويجب الإيمان بأن الله تعالى أمر بعبادته وحده لا شريك له، كما خلق الجن والإنس لعبادته، وبذلك أرسل رسله، وأنزل كتبه].

22 / 4