============================================================
المرصد الثاني في تعريف مطلق العلم وهذا معنى كون تلك الماهية متصورة وفي الشبهة الثانية تخيل أن تصور ماهية العلم إذا توقف على حصول علم جزئي متعلق بالغير ولا شك أنه يتوقف على حصول ماهيته في ضمنه قائسة في الذهن، وهذا معنى تصورها فقد توقف كل منهما على الآخر، وإذا ظهر الفرق بينهما بأن ارتسام ماهية العلم في النفس على وجهين، أحدهما: أن ترتسم فيها بنفسها في ضمن جزئياتها، وذلك حصولها وليس تصورها ولا ملزما على قياس حصول الشجاعة للنفس الموجب لاتصافها بها، من غير أن تتصورها والثانى: أن ترتسم فيها بمثالها، وبصورتها وهذا هو تصورها لا حصولها على قياس تصور الشجاعة الذي لا يوجب اتصاف النفس بها، وهو المطلوب بتعريفها اضمحلت الشبهتان بالكلية.
(المذهب الثاني] : وبه قال إمام الحرمين والغزالي: (أنه ليس ضروريا) بل هو نظرى (و) لكن (يعسر تحديده وربما نصرا بالدليل الثاني) إنما قال: ربما لأن قوله: (فقد توقف إلخ) أي يكون تصور ماهية العلم موقوفا على حصول العلم الجزئي التعلق بغيره، ويكون ذلك الحصول موقوفا ايضا على تصور ماهيته وهو الدور.
قوله: (وإذا ظهر الفرق إلخ) بين الفرق بين الحصول الاتصافي، وبين العلم الارتسامي الذى هو حصول الشيء بصورته بانفكاك كل منهما عن الآخر، ولم يتعرض للفرق بينه وبين العلم الحضوري، بأن حصول الشيء على وجه الاتصاف، لا يستلزم الالتفات إليه لأن الكلام في بيان الممايرة بين حصول العلم المطلق، وبين تصوره، ولا شك أن العلم المطلق أمر خارج عن الذهن، ليس نفسه ولا من صفاته، فالعلم به لا يكون إلا ارتساميا: قوله: (لا حصولها) أي ارتسامها من حيث إنها ارتسام بصورتها، لا يكون حصول نفها، وإن كان من حيث أن تلك الصورة فرد من العلم المطلق حصول نفسها في ضمن ذلك الفرد قوله: (وذلك حصولها وليس تصورها) أي المراد بالتصور في هذا المقام هو الارتسام الكلي اعني العلم الحصولي لأنه المتنازع فيه بالضرورية والنظرية، فإطلاق التصور على نفس حصولها بمعنى آخر على ما قالوا: من أن تصور الصفات النفسية يكون بحصول حقائقها في النفس لا يقدح فيما ذكره كما لا يخفى: قوله: (وهذا هو تصورها لا حصولها) فإن قلت تصورها فرد من آفرادها وجزئي من جزثياتها ففي تصور ماهية العلم حصولها في ضمن فرد من أفرادها كما في الأول، فما معنى قرله: لا حصولها، قلت: معناه آن النفس لا توصف بالعلم باعتبار ارتسامه فيها بمثله، وإنما توصف باعتبار ارتسامه فيها بنفسه، ولو في ضمن هذا الارتسام الثاني، وهذا حق لا شبهة فيه .
पृष्ठ 73