120

Sharh Al-Iqtisad fi Al-I'tiqad - Al-Rajhi

شرح الاقتصاد في الاعتقاد - الراجحي

शैलियों

الأحاديث الدالة على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
أما الأحاديث فهي متواترة، كما قال العلامة ابن القيم ﵀: إن الأحاديث متواترة، رواها من الصحابة نحو ثلاثين نفسًا وهي في الصحاح، والسنن، والمسانيد، ومن ذلك ما استدل به المؤلف ﵀، وهو حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: (كنا جلوسًا مع النبي ﷺ، فنظر إلى القمر ليلة أربعة عشر فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)، والحديث رواه البخاري ﵀ في صحيحه في كتاب التوحيد، ورواه ابن خزيمه أيضًا في كتاب التوحيد، ورواه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة، وفيه: أن المؤمنين يرون ربهم كرؤيتهم للقمر وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية وليس تشبيهًا للمرئي بالمرئي، والمعنى: أنكم ترون ربكم رؤية واضحة، كما ترون القمر ليلة البدر رؤية واضحة، وليس المراد تشبيه الله بالبدر، فالله تعالى ليس أحد من خلقه يشبهه، بل المراد تشبيه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي.
وقوله: (لا تضامون) يروى بالتخفيف، أي: لا يلحقكم ضيم في رؤيته، كما يلحق الناس عند رؤية الشيء؛ فإنه قد يلحقهم ضيم برؤيته، وقيل: بالتشديد، أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض.
أما الأشاعرة الذين أنكروا العلو ففسروه بما ينسجم مع مذهبهم في العلو مع إثبات الرؤية، ففسروا (تضامون) بالتشديد، فيكون المعنى: لا تتضامون في رؤيته بالاجتماع في جهة، أي: لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض، وإنكم ترونه في جهاتكم كلها وهو يتعالى عن الجنس، وجاء في أحاديث كثيرة عن النبي ﷺ أنه قال: (ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر)، وفي بعضهما قال: (ترون ربكم كما ترون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب)، وهو من حديث أبي هريرة ﵁، فالأحاديث صريحة في هذا، ومع صراحتها أنكرها أهل البدع، وفي الحديث يقول النبي ﷺ: (فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق:٣٩])، أي: الفجر والعصر.
وفيه الحث على زيادة العناية بهاتين الصلاتين، وأن المحافظة على هاتين الصلاتين من أسباب رؤيتهم له في الجنة، ولهذا لما أخبر النبي ﷺ بالرؤية، قال: (فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) أي: فإن ذلك من أسباب رؤية الله ﷿، وفي رواية: (سترون ربكم عيانًا) يعني: معاينة ومواجهة.

6 / 7