ذكر شبهة المعطل للاستواء وأن منشأها التمثيل
يضرب الشيخ ﵀ مثالًا للجمع في بدعة التعطيل بين التمثيل والتعطيل فيقول: (فإنه إذا قال القائل: لو كان الله فوق العرش) والعرش: هو سرير الملك وهو من أعظم المخلوقات التي خلقها الله جل وعلا وهو من أولها.
قوله: (لو كان الله فوق العرش) أي: وقد أخبر ﷾ بذلك في كتابه (للزم إما أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساويًا) هذه لوازم عقلية ناشئة عن تمثيل الله بخلقه، قالوا: استواء الله كاستواء أحدنا على كرسيه أو على دابته أو على سريره، فلما وقعوا في ذلك قالوا: إما أن يكون أكبر -كما هو الحال في المخلوق- من العرش أو أصغر أو مساويًا، (وكل ذلك من المحال) في حقه ﷾ فهو الكبير المتعال.
قال: (ونحو ذلك) من الإلزامات الباطلة التي منشؤها تمثيل الله بخلقه (فإنه لم يفهم من كون الله على العرش إلا ما يثبت لأي جسم كان على أي جسم كان) أي: فلم يَعقل المبتدع ويدرِك من قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] إلا أنه كاستواء أي جسم على أي جسم.
(وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم) أي: هذا اللازم الباطل تابع لهذا المفهوم وهو التمثيل، (أما استواء يليق بجلال الله ويختص به فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة)؛ لأنه ﷾ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:١١] فإذا اعتقد العبد أن الاستواء الثابت له ﷾ في كتابه ليس كأي استواء، وأن ذاته ليست كأي ذات، علم بذلك أنه لا يلزم على إثبات ما أثبته الله لنفسه في هذه الصفة أي لازم باطل، بل الله ﷾: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١] (فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم سائر الأجسام) .
8 / 6