Sharh al-Aqidah al-Wasitiyyah by Khalid al-Muslih
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
शैलियों
خاتمة الآية الكريمة
ثم قال تعالى: ﴿وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ هذا لبيان كمال قدرته ﷾، وهذا السلب الخامس في الآية، فآية الكرسي تضمنت خمسة سلوب هذا هو خامسها.
قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة:٢٥٥] ختم الآية بهذين الاسمين العظيمين له ﷾، الأول: (العلي)، وسيأتي بيان وأدلة إثبات علو الله ﷿ قدرًا وقوة وقهرًا ومكانة وشرفًا، فهو ﷾ العالي على خلقه، فكل هذه المعاني الثلاث ثابته له ﷾ من هذا الاسم، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(العظيم) هذا الاسم لا يقال لمعنى واحد، بل إنما يوصف الشيء بأنه عظيم لاجتماع أوصاف عديدة فيه، فالله ﷾ عظيم لاجتماع صفات الكمال فيه، فهذا ما تضمنته هذه الآية الكريمة من النفي والإثبات.
فلو قيل لك: أين الدليل في هذه الآية على أن الأصل في صفات الله ﷿ الإثبات؟ فالجواب: أنه في جميع الصفات التي ذكرت يبتدئ بذكر صفة ثبوتية، فأول سلب ورد في هذه الآية سلب الألوهية عن غير الله ﷿، فافتتحت الآية بقوله تعالى: (الله) وفيها إثبات الإلهية له، ثم أتى بعد ذلك بقوله: (لا إله إلا هو)، ثم بعد ذلك قال: (الحي القيوم)، ثم بعد ذلك قال: (لا تأخذه سنة ولا نوم)، ثم قال: (له ما في السموات وما في الأرض)، ثم قال: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) إلخ الآية، فكل نفي سبق بإثبات، وهذا يدل على أن الأصل في صفات الله ﷿ الإثبات، وأن النفي تابع، والمقصود منه إثبات الكمال في الصفات.
فرغنا من الكلام على آية الكرسي، وما تضمنته من الصفات الثبوتية والصفات السلبية.
ثم قال ﵀: [ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح]، وهذا الفضل جاءت به السنة في قصة الشيطان مع أبي هريرة ﵁، حيث تردد عليه في ثلاث ليال يسرق من الصدقة، وفي آخر ليلة قال له: ألا أعلمك شيئًا ينفعك؟! إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي؛ فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فأخبر النبي ﷺ بما قال له، فقال له النبي ﷺ: (صدقك وهو كذوب)، فأقر ما أخبر به من أن هذه الآية تحفظ صاحبها، وتبعد عنه كيد الشياطين، ولذلك قال شيخ الإسلام ﵀: إذا ابتلي الإنسان بأحوال شيطانية من سحرة ومشعوذين وغير ذلك فقرأ هذه الآية فإن الله ﷾ يبطل كيدهم، ويذهب ما يزينونه من الباطل، فهذه الآية لها مكانة عظيمة؛ ولذلك ورد الحث على قراءتها في أوقات عديدة، مثل أدبار الصلوات، وعند المنام، وذلك لما تضمنته من هذه الصفات العظيمة للرب جل وعلا.
وقد يقول قائل: نحن نقرأ ونجد من الشياطين تسلطًا علينا! فنقول: إنما يثبت الفضل بالإقرار بما فيها، والعلم بما فيها وتدبرها، وهذا ليس خاصًا بهذه الآية، بل هو في كل فضل رتب على عمل، فكل الفضائل في الكتاب والسنة المرتبة على الأعمال لك من هذه الفضائل سواء أكانت الفضائل أجورًا أخروية أم فوائد معجلة في الدنيا لك منها بقدر ما يحصل لك من حضور القلب عند فعل تلك الأعمال وقول تلك الأقوال، وهذا أمر مهم يفوت كثيرًا من الناس، وسببه الغفلة، وظن أن مجرد القول ومجرد لفظ اللسان يتحقق به المقصود من هذه الفضائل.
4 / 11