فحملوا الكلام على شيء يقع هاهنا كثيرا.
يريد حملوا الكلام على توهم أن الباء في (مدرك) لأن الباء تدخل في خبر ليس كثيرا.
ذكر سيبويه أول هذا الباب ما يكون مرفوعا وفيه معنى (مع) ولا يجوز فيه النصب، وذلك قولك: أنت وشأنك. (أنت) مبتدأ و(شأنك) معطوف عليه. وهذا لا ينصب لأن ليس في الكلام فعل ظاهر، ولا يتقدر فيه فعل محذوف.
فإذا دخل الكلام الاستفهام فقالوا: كيف أنت وزيد جاز أن تنصب، لأن الاستفهام يستعمل فيه الفعل كثيرا، فإذا كان الاستفهام من مواضع الفعل استحازوا حذفه وتقديره، ونصبوا بالفعل المحذوف كما ينصبون به لو ظهر فقالوا: كيف أنت وزيدا. وجعل سيبويه تقدير الفعل في هذا الكلام من أجل إنه يحسن استعماله فيه بمنزلة تقدير الباء في خبر ليس، لأن استعمال الباء يحسن فيه، وعطف المتكلم على خبر ليس وجر المعطوف كأنه قدر في الأول الباء.
فهو بمنزلة من قال: بدالي أني لست بمدرك ولا سابق.
والبيت في الكتاب منسوب إلى صرمة الانصاري، وهو ينسب إلى زهير بن أبي سلمى. ومعنى بدالي: ظهر لي أني لست مدرك ما فاتني. و(أني) وما أتصل به في موضع رفع، لأنه فاعل (بدا) يعني إنه ظهر له العلم بأنه لا يدرك ما فاته من الأشياء الماضية، ولا يفوته ما قدر عليه من الأشياء الجائية.
ويروى. ولا سابقي شيء. لا حجة في هذه الرواية على الوجه الذي أراده سيبويه.
وقال الأخوص اليربوعي:
سيأتي الذي أحدثتم في أخيكُمُ ... رِفاقا من الآفاق شتى مآبها
1 / 54