وبينما هما في ذلك، إذ سمعت شجرة الدر صوت نفير من بعيد، فعلمت أنه إشارة وصول السفينة إلى
المرفأ، فخفق قلبها وظهر القلق في وجهها ولحظت شوكار ذلك ولكنها تجاهلته. ولم يمض وقت يسير
حتى جاء الغلام يقول: «إن الأمير ركن الدين بيبرس بالباب .»
فقالت شجرة الدر : «ليدخل.»
فدخل شاب طويل القامة، قد تزمل بعباءة تغطيه كله، ثم نزع العباءة فإذا هو جميل الخلقة
صبوح الوجه عليه هيبة الشيوخ ونضارة الشباب، لم يتجاوز عمره يومئذ 23 سنة، وعليه الدرع
والخوذة كأنه في ساحة الحرب التي قدم منها. فلما دخل حيا شجرة الدر تحية لم تحي بمثلها من
قبل، ففهمت ما عناه لكنها تجاهلت وقالت: «ما وراءك يا ركن الدين؟»
فالتفت يمينا وشمالا كأنه يحاذر أن يسمعه أحد. فأدركت أنه يحمل سرا لا يحب أن يفوه به
جهارا، فأشارت إلى الخدم بالخروج واحتفظت بشوكار، وأشارت إليه أن يتقدم نحوها، فتقدم
अज्ञात पृष्ठ