ولولا ذلك لهان الأمر . ولو كان طوران شاه هذا عاقلا لاستقام الأمر، ولكنه غلام جاهل أحمق
يشرب الخمر، فإذا سكر فعل ما لا يفعله الأطفال؛ بلغني أنه يصف الشموع في الليل أمامه، ويأخذ
السيف بيده ويضرب به تلك الشموع ويقول: «هكذا أفعل بالمماليك البحرية»، يعني مماليكنا
الأتراك. وما برح منذ جاءنا - ولم يمض عليه شهران - يفضل مماليكه الأكراد الذين أتوا معه
على مماليكنا، ويعرض بذلك في مجالسه، مع أن النصر في حروب الإفرنج إنما كان بفضل أبطالنا،
ولا سيما عز الدين وركن الدين بيبرس وسيف الدين قطز وأمثالهم. فأخاف أن يطول النزاع ويغتنم
العدو تفرقنا فيكر علينا!» وسكتت لحظة وهي مطرقة، ثم بلعت ريقها واستأنفت الحديث قائلة: «ولكنني دبرت تدبيرا إذا أفلح سلمنا من الخطر!» ثم نهضت، وأظهرت أنها في شاغل خوفا من أن
تستزيدها شوكار بيانا وهي لا تريد كشف التدبير لها.
أدركت شوكار غرض سيدتها، لكنها تشاغلت بإصلاح العود وهي تنظر إلى النيل، لكنها ما لبثت أن
لحظت عن بعد اضطراب صفحة الماء، فتطلعت فإذا هي ترى شبحا كبيرا سابحا قادما من الشمال،
अज्ञात पृष्ठ