فتساءل الصديق: الظاهر أن سيادتك تزور المقابر كثيرا؟ - شيعت المئات من الموتى بحكم سني الطاعن! - وماذا يحزنك في مقبرة متجددة! - أرى المقبرة العتيقة البالية من آيات الرحمن!
فقال الزوج برجاء: هلا حدثتنا بحديث آخر؟ - سنجد حديثا أو آخر، سيشرق بنا ويغرب، ثم لا مفر من العودة إلى الحديث الأول. - إنه حديث كئيب خانق للقلب. - أشك في ذلك! - لا شك في ذلك من ناحيتي!
فقال العجوز بصوت هامس مخاطبا نفسه: علي ألا أيئس مهما طال الزمن، حتى لو طال بالقدر الذي أتصوره كافيا.
ثم نهض قائما. نظر نحو الباب المغلق وقال: آن لي أن ألقي نظرة.
فعلت الدهشة وجهي الصديقين، وتساءل الزوج: على أي شيء يا عماه؟ - على زوجتك. - زوجتي! .. شكرا .. ولكن لا تكلف نفسك مزيدا من التعب. - إنه واجب يا بني! - ولكنه غير جائز! - كيف؟ - غير جائز بلا حاجة إلى تفسير! - إني صديق أبيك وجدك من قبل، صديق حميم. - لو كان أبي نفسه مكانك ما خطر له ذلك! - إنك تمنعني من أداء واجبي! - إني أطالبك بالجلوس مشكورا. - هبني طبيبا. - ولكنك لست طبيبا! - وما الفرق يا بني؟ - مزاح لطيف!
وقال الصديق: ويا له من مزاح!
فقال العجوز دون التفات لمقاطعة الصديق: إني ألصق بك من الطبيب. - اجلس يا عماه مشكورا مكرما!
فتح الباب، خرجت امرأة متوسطة العمر تتهادى في معطف أبيض، وتنظر من خلال نظارة أنيقة ذات مشبك ذهبي. أقبل الزوج نحوها متسائلا في لهفة: دكتورة؟
فقالت المرأة بهدوء: غير منتظر أن تلد سريعا؛ ولكنها ستلد ولادة طبيعية.
انتبهت إلى وجود العجوز فصافحته مصافحة حميمة، وقال الرجل: أهلا بك يا عزيزة، رحم الله أباك. - أهلا بك يا عماه. - وكيف حال الأم الصغيرة؟ - طبيعية، وإن تكن شديدة بعض الشيء. - كلام يذكرني بأقوال الأطباء! - ماذا تعني يا عماه؟ - كلام يشي باحتمالات كثيرة! - الحال طبيعية جدا، ولكننا لا ندخل في علم الله. - آه من الأطباء إذا رددوا ذكر الله! - ولكني أتكلم بصراحة.
अज्ञात पृष्ठ