فقال ذو البدلة السوداء: لا تفتأ تتدخل فيما لا يعنيك! - ولكن القتال يدور في حجرة نومي. - عال، فأنت أصلح شاهد للإدلاء بما رئي، ما سبب المعركة؟ ومن البادئ بالضرب؟ - للمعركة أسباب غير عادية. - مثال ذلك؟ - الغبار والتسكع والليل والشمس. - يا لك من شاهد فاجر! - أقسم لك ...
فقاطعه بحدة: ومرات السقوط في الامتحان ألم تسمع بها؟ - إن سمعي ثقيل كما تعلم. - ها أنت تعود لادعاء الصمم، واضح أنك مغرض! - علم الله ... - فمن الذي بدأ الضرب؟
تلقيت ضربتين متعاقبتين، ولكن تعذر علي تحديد المصدر البادئ! - فاجر، ألم أقل إنك شاهد فاجر؟! - دعنا من التحقيق. - دعنا من التحقيق؟ - واضح أن أعصابهما تحتاج إلى عقاقير فعالة. - الصيدليات ملأى بالعقاقير. - الحاجة ماسة إلى طبيب لا إلى شرطي. - ألست طبيبا؟ .. إني أناقشك طيلة الوقت باعتبارك طبيبا! - أنا طبيب حقا، ولكني في إجازة مرضية. - أصبحت قادرا على الحركة في بيتي؛ فأنا أغادر الفراش وقتما أشاء، ولكن تلزمني بضعة أيام راحة قبل أن أمضي إلى الخارج لمزاولة نشاطي المعتاد. - حسنا، لا تبدد قواك في الثرثرة حتى تسترد صحتك.
ومضى الرجل إلى الطالب والشرطي فأخذهما إلى موقف في الناحية الأخرى. •••
وتحركت الستارة فخرج من ورائها زنجي وعربي مسلح، وقفا في وسط الحجرة، وقال الزنجي: المشوار طويل فيما يبدو. - أجل ... إنه يبدو كذلك. - أين أنت ذاهب؟ - إلى آسيا، وأنت؟ - أنا متردد بين أمريكا وأفريقيا. - وما مشكلتك؟ - في أمريكا يحاصرني الاضطهاد باعتباري الأقلية، وفي إفريقيا يحاصرني باعتباري الأغلبية! - يا له من اضطهاد كالقدر! ما سببه؟ - لأني أسود؛ هكذا يقال. - أن تضطهد وأنت أقلية فتلك رذيلة شائعة، ولكن كيف تضطهد وأنت الأغلبية؟ - ثمة رجل أبيض يحتكر الاضطهاد، ويمارسه حيثما وجد. - ولكني أراك لا تحمل سلاحا؟ - كان لنا زعيم يدعو إلى الحب والسلام. - وهل استجابوا له؟ - قتلوه غيلة! - ما كان أجدره أن يقتل وهو يقاتل! - آمن بأن الحب أقوى من جميع الأسلحة. - لا مكان إلا لنوعين من الإنسان؛ واحد يقاتل بقلب ملؤه الشر، وآخر يقاتل بقلب ملؤه الخير. - لعلك من النوع الأخير؟ - لعلي. - وما مشكلتك أيها المقاتل؟ - لقد سرقت. - سرقوا مالك؟ - سرقوا وطني! - وطنك؟! - بجباله وأنهاره وحقوله وتاريخه، ثم قذفوا بي إلى العراء. - أي قطاع طرق! - وراءهم يقف الذين يضطهدونك. - لذلك تحمل السلاح؟ - ولذلك يجب أن تحمل السلاح. - ولكن أين أجده؟
وهنا قال رجل الفضاء الروسي: تجده عندي إذا أردته. - ولكني لا أملك ثمنه. - يمكن الاتفاق على ذلك دون إرهاق.
فصاح رجل الفضاء الأمريكي مخاطبا الزنجي: تجنب هذا الرجل؛ فإنه لم ير الله في السماء.
فقال رجل الفضاء الروسي: أحذرك من أضاليل هذا الزميل؛ فقد زعم أنه رأى إلها أمريكيا. - لم أقل إنه يحمل الجنسية الأمريكية، ولكن ثبت لي أنه إله العالم الحر.
فسأله الزنجي: هل آنست عنده ازدراء للسود؟ - إنه نور، فطبيعي أن يفضل من عباده من على صورته. - هل أدركت في حضرته سر ذلك كله؟ - إن حكمته تجل عن أفهامنا، إنه فوق التصور والخيال، آه لو رأيته في مقامه السني فوق البيت الأبيض!
فصاح رجل الفضاء الروسي: ألم أقل لك إنه دجال؟
अज्ञात पृष्ठ