विश्व की मुस्लिम महिलाएँ
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
शैलियों
صعق جعفر في مكانه على أثر هذه الجملة وتضعضع أمام هذه الضربة القاضية ووقع على رجليه يقبلهما ناسيا عزة نفسه ووقاره وقال مسترحما: بربك يا أخي عاود أمير المؤمنين؛ فإن الشرب قد حمله على ذلك، بل أمهلني الليلة فإنه نادم عن قوله غدا. - تناديني الآن بقولك يا أخي وكنت قبل اليوم تأنف من مصافحتي، إنني الآن لا أرحمك ولا أرحم شبابك، قد أمر الخليفة أن تموت الليلة وليس لدي سوى هذا الأمر. - لتكن حياتي فداء الخلافة، ليكن الموت جزاء إخلاص دام ثمانية عشر عاما، وإنما أريد أن أعرف منك أمرا واحدا قبل قتلي أريد أن أعلم ذنبي الذي أستحق عليه الجزاء.
فنظر إليه مسرور شزرا ثم فاه بهذه الكلمة: العباسة.
ما كاد جعفر يسمع بذلك حتى قام من مكانه مدهوشا وقد لمعت في سماء مخيلته فكرة واحدة هي أن يموت فداءها إذ ربما أنقذ العباسة بموته فقال: دعني أدخل داري فأوصي.
فنظر إليه الجلاد بغضب وقال: لا سبيل إلى ذلك.
لم يطق جعفر صبرا على أثر هذه الجملة الأخيرة فهاجت أعصابه وهجم على مسرور متمردا يريد خنقه إلا أن الجلاد تمكن من أن يتملص منه وفر إلى زاوية من الغرفة، وكان يعلم بأن العباسة مائتة لا محالة فصاح يقول: قد قتلت السيدة العباسة.
وقعت هذه الجملة كالصاعقة على رأس جعفر فهدت كل قواه وأفقدته الرشد والوعي فهرع نحو الجلاد جاثيا متمتما هذه الكلمات: ما انتظارك إذن؟ لماذا أعيش بعدها؟ عجل لتريحني من هذه الحياة.
هكذا سلم نفسه لجلاده، وعلى هذه الصورة المفجعة قتل جعفر البرمكي بالغا من عمره ثمانية وثلاثين حجة في عام 187 من الهجرة.
بعد أن أخذ مسرور رأس جعفر قدمه للرشيد على وسادة من الأطلس، فأمر بتعليق تلك الرأس التي أحب صاحبها وصادقه زمنا، على جسر بغداد وأن تحرق بعد ذلك مع الجثة وأن يقتل كل من يتشدق بكرم البرامكة ومروءتهم ومن يرثيهم بعد نكبتهم، أما منصب الوزارة فقد أسند بعد جعفر إلى عدوه اللدود الفضل بن ربيع حاجب قصر الخلافة سابقا.
ومن عجيب ما وقع في ذلك ما رواه العمراني المؤرخ قال حدث فلان قال: «دخلت الديوان، فنظرت في بعض تذاكر النواب فرأيت أربعمائة ألف دينار، ثمن خلعة لجعفر بن يحيى الوزير، ثم دخلت بعد أيام فرأيت تحت ذلك عشرة قراريط ثمن نفط وبواري لإحراق جثة جعفر بن يحيى فعجبت من ذلك.»
هكذا يريد القدر ومن يستطيع الوصول إلى حكمة ذلك؟ مسكين أنت يا جعفر قد صرت مظهرا لقول القائل: «إن كان يا قلب نصيبك الظلم والعسف في هذه الحياة، فقد تنالهما من الأصدقاء قبل الأعداء.»
अज्ञात पृष्ठ