विश्व की मुस्लिम महिलाएँ
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
शैलियों
هاتان هما البارقتان الوحيدتان اللتان أذكرهما الآن في خلال ذلك الرقاد الطويل، وفيما خلاهما توالى ديجور الظلام الكافر.
لاح نجم جديد فاستضاءت به الآفاق وانتعشت بمرآه الأرواح والأبصار، ظهر محمد علي الكبير، هو أحق إنسان بأن يوصف بأنه مجدد مصر الحديثة ومعيد الحياة إليها، إذا ذكرنا اسمه خطر على البال توا اسم أحمد بن طولون واسم يوسف صلاح الدين: ثالوث مجيد كان له الفضل وإليه يرجع الفخار من إقالة مصر الإسلامية من عثرتها، لم يكن محمد علي إلا رجل عمل مع أمية لازمته إلى ما قبل وفاته بقليل من الأعوام؛ فهو الذي زين مصر منذ مائة وأربعين من السنين بتلكم المعاهد العلمية التي قضى الجد العاثر بأن يصبح أكثرها الآن وهو في حيز العدم، وا أسفاه!
نعم، لم يكن محمد علي من لفيف العلماء ولكنه أحسن إلى مصر بما هو خير وبما هو أكثر مما أتحفها به من سبقه على الأريكة من الملوك العلماء؛ كان - سقى الله عهده - يقرب أبناء مصر ويخصهم بكرامته ورعايته ويغدق عليهم العطايا والإنعامات، كان يتعهد بنفسه تربية القريحة المصرية ويستثير النبوغ الوطني، نعم، كان يستثير النبوغ الوطني؛ فمن ذلك أنه كان دائما يختار رجلا من أبناء البلاد لوظيفته ويضع واحدا منهم بجانب أستاذ من كبار الأساتذة الذين يستقدمهم من الخارج لبث العلوم الحديثة والمعارف العصرية على ضفاف النيل، ثم يخايل لأولئك المعيدين بما يعده لهم من لوائح الكرامة الموفورة والحظوظ الممتعة أو من وسائل التنكر والإرهاب؛ لكي يخلفوا بحق واستحقاق أولئك الأساتذة الأغراب الذين قد أغراهم بالهيل والهيلمان إلى الوفود على ساحته، ولكن إلى زمن موقوت وإلى ميعاد معين معلوم، فكان بهذا الأسلوب ذي الحدين أكبر معوان على تقدم التعليم الأهلي وباللغة العربية، والشواهد حاضرة في الأذهان فلا حاجة للإطالة بذكرها.
إنني أكرر القول وأعيده بأن محمد علي لم يكن من العلماء، لكنه أنجب لمصر بطلا قوميا تباهي به الأمم وتثبت لهم أنها أهل لإحراز المعالي في جميع ميادين الحياة الحرة، وأعني به القائد الأكبر الأفخر إبراهيم باشا الذي طبقت شهرته الآفاق، والذي فاق أبونا رفاعة بك رافع في مدح أبيه الأمجد حيث قال:
في كفه سيفان سيف عناية
والشهم إبراهيم سيف ثاني
نحن لا يعنينا الآن الإشارة إلى ما جناه إبراهيم من ثمر الوقائع اليانع بالنصر من ورق الحديد الأخضر، وإنما نذكر ما يناسب موضوعنا من أن هذا الجندي الباسل كان أيضا في طليعة كتيبة العلماء المحققين، وأنه كان من أفرادها المستنيرين الذين دلههم حب الكتب والغرام بها؛ فلقد جمع في أسفاره الكثيرة شيئا كثيرا من الأسفار النفيسة عربية وتركية وفارسية، وكان على كل سرخد كل واحد من هؤلاء المحابيب هذه العبارة: «ملك ولي النعم الحاج إبراهيم باشا، سرعسكر إلخ، أو والي جدة إلخ»، أو غير ذلك من الألقاب، بحسب المناصب والأوقات، لكن الجد العاثر والحماقة قضيا بأن ورثته المباشرين آثروا أن يحتفظوا بما خلفه من الفدادين وأن يتخلصوا بثمن بخس دراهم معدودة من تلك الكنوز التي أثرتها القرائح والأفهام، فتفرقت هذه المجموعة النفيسة شذر مذر، بل طارت على أجنة الرياح الأربع.
القائد الأكبر الأفخر إبراهيم باشا.
تلك الجناية تجددت مع الأسف مرة ثانية في حضن القاهرة منذ خمس عشرة سنة تقريبا على أثر وفاة المأسوف على شبابه الأمير محمد إبراهيم.
وقد لاذت طائفة من كل هاتين المجموعتين بدار الكتب السلطانية في القاهرة وبالمكتبة البلدية في الإسكندرية، ودخل بعضها في حرز صاحب هذه الصحيفة وفي أمان صاحبه المفضال وصديقه الجليل أحمد تيمور باشا، وذهب الكثير إلى الخارج جريا على السنة التعيسة التي قضى بها الجد العاثر على ما كان في مصر المستقلة من خزائن الكتب العامة والخاصة، وما كان أكثرهما!
अज्ञात पृष्ठ