विश्व की मुस्लिम महिलाएँ
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
शैलियों
لم يتغير الحال كما زعموا، بل كانت شجرة هي الحاكمة تنهى وتأمر من وراء الستار عقب زواجها بأمير البلاد.
تربعت شجرة الدر في قلب عز الدين كما تربعت في عرش مصر من قبل؛ فكان يخدمها خدمة العبد للسيد، ولا يتوانى لحظة واحدة عن سلوك السبل المؤدية إلى راحتها ومرضاتها، كان يرى خدمتها دينا في عنقه يحب أداؤه فصار نقابا لها تبصر وتعمل من ورائه وأداة لسرورها ونعيمها.
لم تصل شجرة الدر إلى هذه المنزلة اعتباطا، ولم يحلها عز الدين من نفسه ذلك الإحلال إسرافا؛ لقد كانت امرأة زاهية، زاهرة ذات جاذبية وذكاء وعلى علم ودراية، فليس من السهل على المحتكين بها المتصلين بشخصيتها التوقي من قيود تلك الجاذبية.
كان الملك الصالح يتلقى رغباتها كأمر يتحتم تنفيذه، ويرى فيها درة نفيسة في تاج حياته، أما عز الدين فكان مفتونا بها بحرارة الشباب مع أنها أسبق منه في راحل العمر.
كان الأتابك عز الدين، لبيبا، عاقلا، ذكي الفؤاد، فأحبه المماليك وجعلوا لا يخرجون عن رأيه ومشورته في كل أمر. •••
بعد تعيين عز الدين ملكا على مصر وتسميته «الملك المعز أيبك» فرح الناس بحكومته المشتركة بينه وبين زوجته شجرة الدر وتطلعوا إلى الراحة والسكون عقب تلك الانقلابات والتطورات، لكنهم لم يدركوا أمنيتهم؛ إذ تجددت الثورات في الشام مرة أخرى واتصل بالمصريين خبر قيام أحد أقرباء توران شاه مع نفر من أتباعه وأشياعه يعضدهم بعض المماليك ووجهتهم مصر، فاضطرب المصريون ووقع الخبر عليهم وقوع الصواعق.
لم يقبل السوريون بحكم المعز وهاجموا مصر متمردين ساخطين صاخبين، طالبين إقامة ملك من سلالة الأيوبيين، ولم تنقشع سحابة غضبهم وتهدأ ثورتهم إلا بعد أن أقاموا يوسف مظفر الدين أحد أبناء الملك مسعود، من الأقاليم الشرقية ملكا على مصر وحلب.
مصرنا هذه، مصرنا المسكينة، معرض الغرائب، تحت سماء تسامحها يأتلف الخصمان ويجتمع الضدان؛ ففي العام التاسع والأربعين بعد الستمائة من الهجرة، كان على عرش مصر حاكمان؛ أولهما: الملك المعز أيبك، وثانيهما: الملك مظفر الدين يوسف، تقرأ لهما الخطب وتضرب النقود باسميهما ويحكمان معا جنبا إلى جنب، غير أن شجرة الدر ما زالت وراء الستار وفي يدها زمام الحكم الحقيقي تصدر أوامرها بسكون وهدوء وهي في دائرتها الخاصة، فيهرع الحاكمان لتنفيذها والعمل بمشيئتها.
لم يكن الاثنان سوى لعبتين صغيرتين، أما الحاكم الحقيقي للبلاد فهي الملكة عصمة الدين التي تروح وتغدو بثيابها المزركشة في قاعات قصرها الفخم المحتجب وراء أسوار القلعة.
شعر أيبك باضمحلال سلطته فاشترى عددا كبيرا من المماليك، وعمل على اكتساب ثقتهم وتعضيد نفوذه أمام خصمه، وقد حدث ما كان يتوقعه فإن رجال مظفر الدين حاصروا القلعة ذات يوم يرومون خلع أيبك، ولكنه قاومهم مقاومة عنيفة، وبعد أن شتت شمل أكثرهم تمكن من قتل زعيمهم «آق طاي» قاتل توران شاه، ورمى برأسه من وراء أسوار القلعة، وما كاد المحاصرون يرون هذه الحال حتى أركنوا جميعا إلى الفرار وكانوا يبلغون سبعمائة فارس.
अज्ञात पृष्ठ