विश्व की मुस्लिम महिलाएँ
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
शैलियों
كان دورها زاهيا زاهرا، وصار الناس يتفاءلون خيرا بقدومها، وبدأ الفقراء يتنعمون بمبراتها وحسناتها؛ إذ كانت ملكة عاقلة لبيبة على دراية تامة بأصول المسائل وفروعها، ولقد أحدثت في الإسلام بدعة حسنة لم تزل في مصر إلى يومنا هذا، هي بدعة المحمل الشريف؛ ففي عهدها سافر أول محمل في الإسلام من مصر إلى الحرمين الشريفين، إنها ابتدعت أمرا حسنا فلها ثواب تلك البدعة إلى يوم القيامة، من أحدث بدعة حسنة فله ثوابها وثواب من عمل بها ومن أحدث بدعة سيئة فعليه وزر من عمل بها إلى يوم الدين.
كانت شجرة الدر رغم مظاهر حياتها الخصوصية، امرأة مسلمة ذات ميزة خاصة في حياتها العمومية، كانت على علم تام بنفسية الشعب ولم تكن حكومتها استبدادية؛ لا تشرع في عمل من الأعمال حتى تعقد مجلس المشاورة، ولا تصدر قراراتها إلا بعد الرجوع إلى رأي وزرائها ومستشاريها، وإذا حدثتها نفسها بأمر تريد إبلاغه إلى الناس مباشرة أرسلت في طلب وزيرها ابن أيبك، وبعد المباحثة والمناقشة معه تأمر بإصدار أوامرها الملكية.
فكان الأتابك لا يقصر في كل سبيل يؤدي إلى مرضاة الملكة.
وبينما كان حكم شجرة الدر آخذا في طريق الشهرة بما كان يلاقيه من إقبال الشعب ورضائه التام، بدأت عصابة من الناس تدس الدسائس وتنصب شباك الأحاييل حول عرشها رغبة في إسقاطها، لحمة هذه العصابة أتباع توران شاه ممن فروا إلى الشام وسداها الخليفة الزمني المستعصم بالله ونفر من أشياعه ومريديه.
قامت الفتن على ساق وقدم، وبدأ العصاة ينفخون في أبواق النفاق بما يرمي إلى الشقاق بدعوى أنه لا يجوز شرعا لامرأة أن تتولى شئون المسلمين، مع أن شجرة الدر لم تأت أمرا يغضب عامة الإسلام، سواء أكان في مصر أو في سوريا فضلا عن إجلالها واحترامها لمقام الخليفة المستعصم بالله.
تفاقم الخطب واشتد الصخب، وقامت بغداد تهدد مصر، فكانت الرسائل والأوامر تترى بطلب خلع شجرة الدر وإقامة أمير من الرجال ومخابرة الخليفة لتعيين أمير عادل إذا تعذر عليهم وجود رجل من بين المصريين يصلح لهذا الأمر، وكانت الرسائل موجهة إلى المماليك ومصوغة في قالب اللوم والتعنيف ومعززة بالأحاديث والأسانيد المنذرة بخراب الأمة التي تتولى النساء شئونها وتتصدر مجالس الحكم فيها، وما كادت تروج هذه الدعوة وتتناقلها الألسن في المجالس والمحافل حتى بدأ المماليك يفكرون في وجه الصواب، كانوا يرون أن حكومة شجرة الدر لا تخالف الشرع في شيء؛ إذ كانت مؤسسة على دعائم الشورى، فكانت لا تبرم أمرا دون أخذ رأي الوزراء ووجوه البلاد فضلا عن مهارتها في إدارة دفة الأحكام، تلك المهارة التي تجلت في شكل رائع ملموس لا يدع مجالا لقول قائل، ولكن ما العمل؟ وكيف يمكن التوفيق بين وجهتي النظر في مصر والشام في وقت عصيب يهددهم فيه خطر الصليبيين؟
بينما كان المماليك يفكرون في هذا الأمر ويقلبون الرأي على وجوهه ليتبينوا من خلاله وجه الصواب، وإذا بأتباع «توران شاه» يحثون أهل الشام على التخلص من حكم مصر بدعوى أنها ذات حكومة غير شرعية، فقاموا بدعوة أمير حلب «الملك الناصر يوسف الأيوبي» وبايعوه أميرا على الديار الشامية، ثم قاموا على أشياع شجرة الدر واستأصلوا شأفتهم فتم لهم ما أرادوا وفصلوا تلك القطعة الكبيرة عن الحكومة المركزية في مصر.
على أصحاب الغايات النبيلة والمقاصد الشريفة بذل النفس والنفيس في السبل المؤدية إلى تحقيق الغرض، ولكن الذين نادوا بسقوط شجرة الدر لم يعملوا بهذا الدستور، إنهم آثروا تضحية حكومة عظيمة في سبيل أغراضهم الشخصية، كانت هذه الفئة الهادمة العاملة لمصالحها الشخصية تعمل على تعكير المياه كلما قاربت حد الصفو، رغم مهاجمات الصليبيين وما يهدد البلاد الإسلامية من المصائب والأخطار، فأدركت شجرة الدر بفطنتها وحسن درايتها حقيقة الحال فعقدت مجلسا من أركان الدولة واستشارتهم في الأمر وطلبت منهم أن يبينوا لها الطريقة المؤدية إلى إرضاء السوريين والوسائل الموصلة إلى حسن التفاهم بين القطرين الشقيقين.
كان الموضوع عويصا يتطلب رأيا حسنا وتدبيرا محكما فلم تشأ أن تطلق العنان لمشاعرها بل طلبت من وزرائها المعونة والتعضيد بعد أن طرحت الأمر على بساط البحث بكل رزانة وثبات، أما المجلس فقد فحص الأمر بعناية واهتمام وأظهر لها وجوب الاهتمام بما يؤدي إلى راحة الشعب وسلامته مع بيان امتنانهم لها ولحكومتها، وقر رأيهم بالإجماع على أن تترك زمام الإدارة إلى عز الدين بن أيبك وأن يعقد له عليها عقب تنصيبه للحكم.
تم تنفيذ القرار وتعين عز الدين بن أيبك سلطانا على مصر، وأرسلوا إلى الخليفة يشعرونه بتبدل الحال.
अज्ञात पृष्ठ