وهو قد قال: إذا لم ينبه على ضعفه فإنه يكون صالحا أي للاحتجاج به١ ولا سيما إن كان أبو داود يرى أن بين الضعيف والصحيح مرتبة الحسن وإلا فالاحتياط أن يقال هو صالح كما قال: ابن المواق.
وتعقب اليعمري ابن الصلاح بأمر آخر فقال: لم يرسم أبو داود شيئا بالحسن وعلمه بذلك شبيه بعمل مسلم أنه اجتنب الضعيف الواهي وأتى بالقسم الأول والثاني: وكلاهما موجود في كتابه فهلا ألزم أبو عمرو مسلما ما ألزم أبا داود لأن معنى كلامهما واحد.
وقول أبي داود وما يشبهه يعني في الصحة وما يقاربه يعني فيها أيضا فهو نحو قول مسلم ليس كل الصحيح تجده عند مالك وشعبه وسفيان فاحتاج ان ينزل إلى مثل حديث ليث بن أبي سليم وعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد لما يشمل الكل من اسم العدالة والصدق وإن تفاوتوا في الحفظ والإتقان.
وفي قول أبي داود إن بعضها أصح من بعض إشارة إلى القدر المشترك بينهما في الصحة
والجواب أن مسلما شرط الصحيح بل الصحيح المجمع عليه فليس لنا أن نحكم على حديث في كتابه بأنه حسن عنده لا عرف من قصور الحسن عن الصحيح وأبو داود لم يشرط ذلك فافترقا.
واعترض الحافظ ابن كثير فقال: إن الروايات لسنن أبي داود كثيرة٢ ويوجد في بعضها ما ليس في الأخرى ولأبي عبيد الآجري عنه أسوله٣ في الجرح والتعديل ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه فقوله٤: "ما
_________
١ وسيأتي بيان قول أبي داود بأمثلته إن شاء الله ذلط ويسره في "شرح رسالة أبي داود إلي أهل مكة" يسر الله إتمامه.
٢ قال ابن رشيد في ملء العيبة "٥/٢٤١" ورواية اللؤلؤي هي أصح الروايات وهي آخر ما أملي أبو داود وعليه مات ﵀ ذكر ذلك الوزير أبو بكر محمد بن
هشام المصحفي في برنامجه".
٣ في "اختصار علوم الحديث" لابن كثير وع: "أسئلة".
٤ هكذا في كتاب ابن كثير وفي ع: "فقول ابن الصلاح: ماسكت عليه في سننه فقط أو مطلقا" ووقع في خط "بقوله" خطأ.
1 / 117