الأستاذ الأمام العلامة والقدوة الجليل الفهامة امام الأئمة في زمانه واستاذ جهابذة الفضلاء في اوانه هو الذى لن تسمح بمثله الأدوار ما دار الفلك الدوار (ورق 46) بحر طام لا يدرك قعره وطود سام لا يكتنه قدره كان شديد الصلابة عظيم الهيبة راسخا فى السنة غلابا عند المجادلة قائما بالحق ناطقا بالصدق يعامل بالحق المحض ويصيب فى كل مقام دحض يرغب على التعلم والتعليم ويحرض على الأرشاد والتفهيم ويعظم ذويه احق تعظيم لا يصدر في مجلسه الا العالم ولا يخاف فى الله لومة لائم معزا لأهل العدل والأنصاف مذلا لذوى الجهل والاستنكاف لا يخشى في دينه الا الرب ويذب عن حريم الدين المتين «3» بأبلغ ذب تأدب اولا بأبيه العالم العابد مولانا نجم الدين محمود الملقب بفقيه «1» وكان فقيها صوفيا بارعا وحصل المقدمات عليه وتأسى بطريقة الشيخ ظهير الدين عبد الرحمن «2» واخذ القراءات السبع عن الشيخ محب الدين جعفر الموصلى «3» وتزوج بابنته الكريمة وتفقه على مولانا قطب الدين محمد الفالى «4» صاحب التقريب وشرح اللباب والأعراب «5» فقرأ عليه وسمع لديه كل كتاب في كل باب (ورق 46 ب) واحكم جميع الفنون منقولا ومعقولا وفروعا واصولا وجمع بين اشتات العلوم واقسامها وبلغ اقصى ذروة الكمالات وسنامها ففاق جميع علماء الأمصار حتى انضوا اليه الرواحل من الأقطار وحج بيت الله الحرام وسافر الى تبريز حين اجتمع بها العلماء العظام وطارحهم مسائل والزمهم اقوى الزام ثم رجع الى مسقط راسه ومحل استيناسه وكان يعقد مجلس الدرس والأفادة حين يبقى ثلث الليل وزيادة وكان هذا دأبه الى ان يطلع الفجر ثم يشتغل بعد الصلوة بدرس القرآن والذكر يقرؤن عليه القراءات السبع [و] يصغى الى ادائهم السمع ثم يعود الى درس العلوم الشرعية والقواعد الأدبية وهكذا سائر الأوقات لا يخلو عن الدرس والعبادات* ويذكر فى الجامع العتيق «1» بعد صلوة الجمعة وغيرها وانتهت اليه رياسة اولي العلم كلهم طوعا وكرها وتخرج عليه جماعات من كبار العلماء الأعلام وفحول فضلاء الأسلام (ورق 47) منهم المولى السعيد سراج الدين عمر بن عبد الرحمن «2» قرأ عليه الكشاف في اربعة اشهر وصنف كتاب الكشف من بركاته وفوائده التي لفقها من فيه وفرائده التى نقلها من حواشيه، وشرع مولانا رحمه الله في تصنيف كتاب سماه البسط «3» وكتب منه مجلدين في سنتين ثم ابتلي بعينيه ووقعت الفترة فى البين، وكان في آخر عمره يجلس في محفة يرفعها العلماء على مناكبهم فيأتون بها الى صلوة الجمعة، لازمت خدمته ثماني سنين وعمتنى بركاته كما عمت سائر المسلمين، وسويت يوما مداسه فقال:
جزى الله من سوى مداسى خير ما ... اباح لعبد في القيامة من اجر
وارجو بركة دعائة وهمته فى الدنيا والآخرة، وكان مما يتمثل به كثيرا:
عليكم بالمحابر «1» فالزموها ... واياكم واصحاب الدواة «1» 14
فما لولاية العلماء عزل ... وعزل ولاية العمال آت
توفي فى محرم سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة ودفن في بقعته المباركة عند تربة والده رحمة الله عليهم رحمة واسعة «2».
पृष्ठ 87