Sessions of Ramadan by Al-Uthaymeen
جلسات رمضانية للعثيمين
शैलियों
حكم من أفطر ناسيًا أو جاهلًا أو غير قاصد
ثم هذه المفطرات لا تفطِّر إلا إذا تناولها الإنسان عالمًا ذاكرًا قاصدًا.
عالمًا: وضده الجاهل.
ذاكرًا: وضده الناسي.
قاصدًا: وضده غير القاصد.
فلو أن الإنسان أكل وشرب يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه طالع فليس عليه قضاء، بل صومه صحيح، لأنه جاهل ولو أكل ناسيًا فصومه صحيح، ولو أكل مكرهًا أتاه إنسان وهدده بالحبس أو بالقتل أو بضرب يؤلمه، حتى أكل فلا قضاء عليه وصومه صحيح، وكذلك لو تمضمض ودخل الماء إلى جوفه بدون قصد فصومه صحيح، لأنه غير قاصد.
ما هو الدليل على أن الجاهل والناسي وغير القاصد لا يفطر؟ الدليل عموم وخصوص، أي: هناك أدلة عامة وأدلة خاصة، وأنا أقول لكم: الأدلة العامة يجب إبقاؤها على عمومها فلا يخرج منها أي صورة إلا بدليل، هذا أيضًا خذوها: الأدلة العامة يجب إبقاؤها على عمومها فلا يخرج منها أي صورة، أي: ما يخرج منها أي شيء إلا بدليل، لأن كلام الله ﷿ وكلام رسوله ﷺ محكم جاء باللغة العربية، فما كان داخلًا تحت الدلالة فإنه باقٍ على ما دل عليه اللفظ إلا بدليل.
الأدلة العامة: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:٢٨٦] في أي شيء؟ لا تؤاخذني في أي شيء؟ في كل شيء يقع منا خطأ أو نسيان فلا تؤاخذنا فيه (قال الله: قد فعلت) هذه القاعدة العامة العظيمة من الله ﷿ إذا ادعى إنسان أن شيئًا خارجًا منها قلنا له: عليك الدليل.
دليل آخر من القرآن: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب:٥] .
إذًا ما لا نقصده فليس علينا جناح فيه ما وقع منا بغير قصد فليس علينا جناح فيه: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب:٥] .
هناك أدلة خاصة في مسألة الأكل جاهلًا أو ناسيًا عدي بن حاتم ﵁ أراد أن يصوم، فجعل تحت وسادته عقالين يعني: حبلين يعقل بهما البعير، وجعل يأكل ويشرب وينظر إلى العقالين الأسود والأبيض، لما تبين الأسود من الأبيض أمسك ظنًا منه أن قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة:١٨٧] أن المراد به الخيط الحبل، فلما أصبح أخبر النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: (ذلك بياض النهار وسواد الليل) ولم يأمره بالإعادة مع أن الذي يأكل حتى يبين العقال الأسود والأبيض سوف يأكل وقد ارتفع النهار وقد ارتفع الفجر، لم يأمره بالإعادة لأنه جاهل بالحكم، يظن أن هذا معنى الآية.
أيضًا الجاهل بالوقت يظن أن الوقت وقت إفطار وقت أكل وليس كذلك، ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر ﵄ قالت: أفطرنا في يوم غيمٍ على عهد النبي ﷺ ثم ظهرت الشمس، أكلوا وأفطروا في يوم غيم ظن منهم أن الشمس قد غربت، وبعد ذلك ظهرت الشمس إذًا أكلوا في النهار، لكن جهلًا منهم، جهلًا بالوقت، ما علموا أن الشمس لم تغرب، ولم يأمر النبي ﷺ بالقضاء، ما أمرهم، لو كان القضاء واجبًا لأمرهم به كما أمر الذي أساء في صلاته قال له: (صل فإنك لم تصل) لو كان القضاء واجبًا لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إليه لا يمكن أن يترك؛ لأنه لو أمر به لكان من الشرع، والشرع محفوظ لابد أن يصل إلى آخر الأمة كما وصل إلى أولهم.
إذًا نقول: لا قضاء، وكما أن هذا مقتضى دلالة الحديث، فهو أيضًا مقتضى الأدلة العامة، ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وهو كذلك مقتضى القياس على ما صح به الحديث: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) والجهل والنسيان صنوان، يعني: قرينان فإذا عفي عن الإنسان بالنسيان، عفي عنه في جهل ولا فرق.
أما عدم القصد فيؤخذ من قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل:١٠٦] ووجه الأخذ من هذه الآية أن الله رفع حكم الكفر عمن أكره عليه فما دون الكفر من معاصي من باب أولى، كما جاء في الحديث أيضًا أن النبي ﷺ قال: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) .
هذه لمحة وجيزة سريعة فيما يتعلق بالمفطِّرات ولكن يجب أن نعلم أن الإنسان مأمور بالصوم عن أمرين عن أمور حسية وهي هذه المفطرات، وعن أمور معنوية وهي قول الزور والعمل به والجهل، فعلينا أن نحفظ صيامنا حتى يكون نافعًا مؤثرًا، وحتى نتربى به، فلا يخرج رمضان إلا وقد تأثرنا بهذا الصوم، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
2 / 4