Series of Authentic Traditions or Authentic Supported Sayings of the Companions and Followers
سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين
प्रकाशक
دار الفاروق
संस्करण संख्या
الأولى جـ ١
शैलियों
مقدمة فضيلة الشيخ العلامة
أبي عبد الرحمن عبد الله بن صالح العُبيلان
حفظه الله تعالى
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فإن الله ﷿ ردَّنا إلى كتابه وإلى سنة رسوله ﵌، وإلى أعلم الناس بكتابه وسنة رسوله ﵌، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، قال جابر بن عبد الله ﵁: "أولوا الفقه والخير". أخرجه ابن أبى شيبة وغيره؛ بإسناد جيد.
وقال ابن مسعود ﵁: "لا يزال الناسُ بخير ما أتاهم العلمُ من أصحاب محمد ﵌ ومن أكابِرِهم، فإذا جاء العلم من قِبَلِ أصاغرهم هلكوا". أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" وغيره؛ بإسناد صحيح.
فلا ريب أنهم كانوا أبرّ قلوبًا، وأعمق علمًا، وأَقَلَّ تكلُّفًا، وأحري بأن يوفَّقوا في فهم كتاب الله وسنة رسوله ﵌ بما لم يوفَّقْ له من لم يلزم طريقهم؛ لما خَصَّهم الله ﷿ به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحُسن الإدراك وسرعته، وقلَّة المعارض أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الله تعالى. فالعربية سليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم، ولا حاجة لهم إلى النظر في الإسناد، وأحوال الرواة، وعلل الحديث، والجرح والتعديل، ولا إلى النظر في قواعد الأصول، وأوضاع الأصوليين؛ بل قد غُنوا عن ذلك كله، فليس في حقهم إلا أمران: أحدهما: قال الله تعالى كذا، وقال رسوله كذا. والثاني: معناه كذا وكذا. وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين، وأحظى الأمة بهما.
المقدمة / 1
ولذا فإن الله تعالى جعل ما كانوا عليه من دين، وعقيدة، ومنهاج، وعبادة وسلوك؛ هو الحق الذي يجبُ اتباعه، قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﵃﴾ الآية. وقال تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ الآية.
فالله ﷾ جعلهم متبوعين، فمن جاء بعدهم فهو تابع لهم. ومن هنا جاءت كلماتُ أئمة أهلِ العلم في أنه لا يجوز الخروج عن ما كانوا، وإن اختلفوا على قولين فلا يجوز إحداث قول ثالث، لأن الحق لا يخرج عنهم؛ بل إن شيخ الإسلام ﵀ والذي عُرِفَ بسعة استقرائه لمسائل العلم - يقرِّرُ أنه لا يمكن أن ينفرد أحد الأئمة عن الباقين ويكون الصواب معه إلا وقد اعتمد على أثر جمع من الصحابة أو أحدهم. "منهاج السنة" (٥/ ١٧٨).
وابن القيم ﵀ يعزو كثرة الاختلاف بين أهل العلم لعدم التقيّد بهذا المنهج؛ إما لعدم العلم بالآثار، أو تقليد الأئمة، فيقول: "فلو اتفقت كلمتهم على ذلك وانقاد كل واحد منهم لمن دعاهُ إلى الله ورسوله، وتحاكموا كلهم إلى السنة وآثار الصحابة؛ لقل الاختلاف وإن لم يعدم من الأرض". أعلام الموقعين ٣/ ٢٢٦.
ولعل تشكيل مدارس أهل -على النحو المعروف- أَضعَفَ من الأخذ بآثار الصحابة؛ بل أَضْعَفَ من الأخذَ بالسنة. وهذا ما حذَّر منه الأئمة بقولهم: "خذوا من حيث أخَذْنَا".
ولا يشك عاقل أن افتراق الأمة إلى بضع وسبعين فرقة سببه الأعظم هو ترك هذا المنهج المعصوم، كما أخبر بذلك المصطفى ﵊.
وأعتقد أن الأمة لا يمكن أن تنهض من كبوتها إلا بالعودة إلى ما كان عليه النبي ﵌ وصحابته ﵃، قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾. فكل جهد للإصلاح لا ينطلق من هذا الأساس فهو جهد ضائع، فاقتصادٌ في سنة خير من اجتهادٍ في بدعة.
لذا كان من واجب أهل العلم العناية بآثار الصحابة ﵃، ودراستها بتمييز ما يثبت عنهم من غيره، للحفاظ على الدين، ونبذ الاختلاف فيما لم نعلم أنهم اختلفوا فيه؛ فيرد إلى كتاب الله وسنة رسوله ﵌.
المقدمة / 2
وأعتقد أن أهل السنة السائرين على طريق الصحابة لا يمكنهم أن يتميزوا عن غيرهم إلا بهذا.
وقد نبَّهَ ابنُ عمر ﵁ إلى هذا -وهو مخالفة من بعدهم لهم في فهم القرآن والسنة- فقال: "قاتل الله الخوارج؛ انطلقوا إلى آياتٍ نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين" رواه البخاري.
فإن فَهْمَ الدين مع البعد الزمني عن الصَّدر الأول يعظم خفاؤه، وهذا ما أخبر به النبي ﵌ بقوله: "اتخذ الناسُ رؤوسًا جُهّالًا، فأفتوا برأيهم" وهذا لفظ البخاري.
ولا يمكن ردّ هذا الرأي المخالف للدين إلا بالتزام فهم السلف الصالح.
وقد وقفتُ على كتاب أخينا أبي عبد الله الداني بن منير آل زهوي "سلسلة الآثار الصحيحة"، فسرَّني ذلك جدًا؛ لما رأيتُ فيه من جهدٍ مشكور في دراسة الأسانيد دراسة علمية رصينة، والتنبيه على ما فيها من حِكَم وأحكام، من خلال كلام أهل العلم. كما اعتنى بدراسة آثار التابعين الذين أخذوا العلم عن أصحاب رسول الله ﵌، لقرب عهدهم بنور النبوة، وإن لم يكن لآحادهم ما لآحاد الصحابة من وجوب الإتباع.
وأرجو من الله أن يكون لهذه السلسلة من النفع والقبول ما كان لسابقتها في حديث النبي ﵌، للعلامة المحقق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ﵀.
وأشدُّ على يدِ أخينا أبي عبد الله في مواصلة هذا العمل، فإن الأمة سيأتي عليها وقت تكون في أشد الحاجة إلى هذا الكتاب المبارك، كما ستكون خدمة عظيمة لأهل العلم الذين يعنون بفهم الصحابة لترجيح أقوال أهل العلم المختلفة. والحمد لله رب العالمين.
وكتبه
أبو عبد الرحمن عبد الله بن صالح العبيلان
٣/ ١/ ١٤٢٤ هـ
المقدمة / 3
شكر وتقدير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد؛ فعملًا بقول النبي ﵌: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس"؛ فإني أتقدم بالشكر للشيخ الفاضل العلامة أبي عبد الرحمن عبد الله بن صالح العُبيلان -حفظه الله تعالى- على ما قام به من مراجعة هذا الكتاب، والتقديم له، وعلى حُسن ظنّه بأخيه وتشجيعه له، والحث على مواصلة هذا العمل.
كما وأشكره على إفاداته وإرشاداته، وتفرغه لقراءة الكتاب ومراجعته، وهذا من شيمة الشيخ ومكارم أخلاقه، ولين جانبه، وتواضعه، فقد أخجلني الشيخُ - حفظه الله- جدًا واللهِ - بتواضعه الجمّ، ولين جانبهِ.
فالله أسألُ أن يرفعَ من منزلة الشيخ عبد الله، في الدنيا والآخرة، وأن يجزيه خيرًا، ويسدّد خطاه، ويدفع عنه كل سوء، ويحفظه بما يحفظ به عباده الصالحين.
قيَّد ذلك اعترافًا بالشكر لأهله
أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي
المقدمة / 7
سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين
جمعها وخرّجها وذكر بعض فوائدها
أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي
راجعه وقدم له فضيلة الشيخ
عبد الله بن صالح العبيلان
حفظه الله تعالى
المجلد الأول
١ - ٣٥٠
دار الفاروق
للطباعة والنشر والتوزيع
1 / 1
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
جمادى الأولى سنة ١٤٢٤
آب (أغسطس) ٢٠٠٣ م
دار الفاروق للطباعة والنشر
لبنان - بيروت - ص. ب: ٥١٤٠/ ١٥ - الرمز البريدي: ١١٠١٢٠٢٠
هاتف وفاكس: ٨٠٤٥٢٠ (٠٠٩٦١٥) - محمول: ٩٥٤٦٦١ (٠٠٩٦١٣)
1 / 2
سلسلة الآثار الصحيحة
أو
الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين، وعليه اتّكالي، وإليه مآبي
إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. من يَهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِل فلا هَادِي له.
وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد؛ فإن أَصْدَقَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهَدْي هَدْيُ محمدٍ - صلى الله عليه وعلى آله وسلّم -، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُها، وكُل مُحْدَثَةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة.
فإن الله ﷿ أنعم علينا معاشر المسلمين بشريعة غرّاءَ نقيّةٍ، واضحةِ المعالِم، متينة في أُسِّها، وَارِفَة الظِّلاَلِ، يَنْعم فيها المرءُ بالسعادة الأبدية التي وعد اللهُ من التزم بها وتمسّك بعُراها.
وكان من تمام نِعَمِ اللهِ تعالى أن أيَّد هذا الدين برسوله الأمين - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، فبعثَهُ هَاديًا وبشيرًا، رحمةً للعباد، معلّمًا لهم، ومربيًا، وإمامًا.
1 / 5
وأيَّد اللهُ ﷿ رسوله صلوات الله وسلامه عليه بكتابه المبين، فشرَع به الشراثع، وأحل به الحلال، وحرّم به الحرام، وأنذر به العباد؛ فقصَّ عليهم أنباء من قبلهم من الأمم، ورغبهم فيه بما أعدّ لمطيعهم من الثواب والنعيم المقيم، وأنذرهم وحذّرهم بما أعدَّ لمخالفيه من النقمة والعذاب الأليم.
وكانت من ثَمَّ السُّنَّةُ النبويَّةُ متمّمة لهذه الغاية، ولهذا المطلب، فبُيِّنَ بها ما أجمل، وفُسِّرَ بها ما خَفِيَ وأُبهِمَ، فكانت السُّنّةُ للقرآن كالأغصان والأوراق للأشجار، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وكان من نعم الله أيضًا على هذه الأمة أن حفظ لهم كتابه العظيم من تلاعب المتلاعبين، ومن عبث العابثين، فحفظه من الزيادة والنقصان والتحريف (١)، فقال عز من قائل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾ (٢). ومن تمام النعمة على هذه الأمة أيضًا، أن حفِظَ ربنا سُنَّةَ نبيِّهِ ﵌، وذلك بأن قيد لنبيه أُناسًا يحفظون عنه أقواله، وَيرْوُونَ عنه أفعالَهُ، ويُخبِرُونَ عن أحوالِهِ وصِفَاتِهِ؛ وعلى رأسِ هؤلاء؛ أصحابه ﵃ وأرضاهم، فقد كانوا خيرَ الناسِ قلوبًا، وأصدقهم حالًا ومقالًا، باعوا أنفسَهُم لله تعالى، وجاهدوا في الله حقَّ الجهادِ؛ ومن جهادِهم أن حفظوا لنا سنّة نبينا ﵌، فنقلوها للأجيال من بعدهم، وحدّث العالِم منهم بها من جَهِلَهَا.
لكن لم يتمّ للسنةِ ما تمَّ للقرآنِ الكريم من تمامِ الحفْظ والصَّوْنِ، فقد امتدَّت أيدي العابثين لما حُفِظَ من السنةِ النبوَيةِ، فدَسَّ الدَّاسُّون فيها، وكذَبَ الكذابون، وافترى المفترون ...
وما ذلك إلا لحكمة يعلمها فاطر السموات والأرض، وخالق الخلق أجمعين.
ومع ذلك فإن الذي حَفِظَ كتابَهُ العظيم من التَّلاعُبِ والعَبَثِ حَفِظَ أيضًا سُنَّةَ نبيهِ - ولكن بدرجةِ أقل من درجة حِفْظِ الكتاب، وبنوعٍ من الحِفْظِ غير النوع الذي حَفِظَ به القرآن.
_________
(١) ومن قال غير هذا واعتقد خلاف ذلك؛ فقد خرج من دائرة الإسلام، عياذًا بالله تعالى.
(٢) سورة الحجر: ٩.
1 / 6
من ذلك أن صاحبَ هذه السنة صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر -فيما تواتر عنه- أنه سيكون من بعده من يكذِبُ عليه، ومن يحدّثُ عنه بالكَذَبِ ...
فكان أصحابهُ من بعده يتحرون في الرواية عنه، ويحرصون على التثبتِ، وعلى أخذ الحديث من الثقات العدول سماعًا وكتابةً ...
وكذا سار التابعون من بعدهم، إلى أن ظهر الكذب، وانتشر هذا الدين في أرجاء الأرض، فاندسَّ أعداء الله وأعداء دينه لينالوا من حديث النبي ﵌ بعدما علموا أنهم لن يستطيعوا النيل من الكتاب الكريم.
فظهر الكذب والوضع في الحديث، فما كان من العلماء الأتقياء النجباء إلا أن انبروا لهؤلاء وتصدّوا لهم؛ بأن جعلوا للرواية عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضوابط وقواعد وقيودًا، كبّلوا بها أيدي هؤلاء المعتدين، فنخّلوا الحديث تنخيلًا؛ فميزوا صحيحه من سقيمه، ودوَّنُوهُ في كتبهم، ومَيَّزُوا الرواةَ صادِقهم من كاذبهم، بل حتى من لم يعرف بالضبط والسماع -وإن كان في نفسه صادقًا- لم يقبلوا الرواية عنه، وغير ذلك من الأمور التي محلّ بسطها في دواوين كتب مصطلح الحديث.
فتوالى العلماء منذ عصر التابعين -بل منذ عصر الصحابة- على تمحيص السنة، والتدقيق في رواتها، وتمييزهم، فكان يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وشعبة بن الحجاج، وابن حبان، والعقيلي، وابن الجوزي، والذهبي، وابن حجر -وغيرهم كثير مما لا يحصى عددهم- حَمُوا حِيَاضَ السُّنَّةِ وذَبّوا عنها.
وكان في عصرنا الحاضر الإمام المحدّث شامة الشام، وريحانة الزمان، وقِبْلَةُ أهل الحديث في هذا العصر؛ العلامة الشيخ محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وأسكنه فسيح الجنة - الذي إذا ذُكر اسمه طَرِبَت له قلوبُ أهلِ الحديثِ ومُحِبِّي سُنَّةِ المصطفى ﷺ، جدَّدَ اللهُ تعالى به معالم الدين بعدما اندرست، وتذاكرنا به عصر أحمد وابن معين وعبد الرزاق وابن المبارك ... كيف كانوا يرحلون في طلب الحديث، وكيف كان يُرحَلُ إليهم، فإني لا أعلم رجلًا رَحَلَ الناسُ إليه في هذا العصر مثل ما رحل الناس إلى محدث الدنيا.
1 / 7
كانت السُّنَّةُ قَبلَهُ نَسْيًا مَنْسيًّا -إلا قليلًا- وكان الحديث غريبًا -حتى بين أهله-! لا يميزون صحيحًا من سقيمِ، ولا مقبولًا من مردودٍ، يستدلُّ الخطباء والفقهاء والمدرسون والوعاظ بما وضع على نبيهم! جهلًا منهم بالأمر والخطب.
فبعث الله تعالى لهذه الأمة على رأس المائة الرابعة عشر من يجدّد لهذه الأمة أمر دينها، فلمع اسم الألباني، فعرفَهُ القاصي والدَّاني، ورحَلَ إليه القريب والبعيد، بل الصديق والعدو.
عاش ﵀ من أجل خدمة السُّنَّةِ النبوية، وتمييز صحيحها من سقيمها، ووضع لنفسه مشروعه الكبير: "تقريبُ السُّنةِ بين يدي الأمة"، فألَّف الكتب الكثيرة الفريدة النادرة، وحقَّق الكثير من كتب الحديث تحقيقًا لا يوجد له نظير.
ولعلَّ من أهمّ هذه الكتب: "سلسلتي الأحاديث؛ الصحيحة، والضعيفة"، حيث جمع ﵀ كَمًّا هائلًا من الأحاديث النبوية، ومن ثمَّ درس أسانيدها وتتبَّع طرقها، ثم فصل الصحيح منها في سلسلة، والضعيف في السلسلة الأخرى.
فـ-﵀ وجزاه عن الدّين كل خير.
ولما كان من أُسُسِ الدين؛ التمسّك والسير على آثار السَّالفين، ومعرفة ما كان عليه أهل القرون الثلاثة الأول، وفهم الكتاب والسنة بفهمهم، والتمسك بهديهم؛ كان لأقوال وآثار أصحاب هذه القرون -وعلى رأسهم أصحاب النبي ﵌ أهمية في ديننا، ومنزلة في شرعنا.
فكان من اهتمام العلماء بالسنة أن اهتموا بنقل وحفظ وتدوين آثار الصحابة والتابعين، فهم المبلّغين عن رسول الله ﵌، الكاشفين لما أُبْهِمَ وخَفِيَ من فَهْم سُنَّتِهِ، كما أن السنّةَ مُبَيِّنَةٌ للقرآنِ، فآثارهم وأقوالهم تبيِّن السنة.
ولا شك أنه يجري على آثار الصحابة ما يجري على الأحاديث النبوية؛ من تمحيص أسانيدها والبحث في حال رجالها ورواتها، كي يُنْسَبَ القولُ إلى قائله منهم.
ولمَّا لم يكن لهذه الآثار السَّلفية كتاب جامع ككتب السنة ودواوينها؛ عزمت على جمع ما أقف عليه من الآثار، ثم أُخرِّجُهَا وفق الطريقة المتّبعة في
1 / 8
تخريج الأحاديث النبوية، وأدرس رجال الإسناد وحالهم، مع البحث على شواهد ومتابعات إن وجدت، وإن كان لأهل العلم كلام وقفتُ عليه حول أثر ما؛ أُثبِتُهُ دون تردّدٍ.
وفي هذا العمل تحقيق أمنية تمنَّاها المحدِّثُ الألباني ﵀ في جمع هذه الآثار والاعتناء بها؛ كما هو الحال في الأحاديث النبوية المرفوعة، وكانت هذه الإشارة إلى هذا العمل عبر سؤالٍ وجهه الشيخ الفاضل عبد الله بن صالح العبيلان -حفظه الله تعالى- للشيخ ﵀.
وَتَيَمُّنًا بصنيع المحدث الألباني ﵀ في سلسلتيه الصحيحة والضعيفة؛ إذ أَوْدَعَ ما صحّ عن رسول الله ﵌ في سلسلة، وما لم يصح في الأخرى؛ فكذا كان صنيعي في هذا العمل.
ولمّا كان من العسير جمع هذه الآثار على الأبواب الفقهية وترتيبها في كتاب واحد؛ لما يحتاجه هذا العمل من الوقت الطويل والجهد الكبير والإحاطة بما هو مطبوع ومخطوط؛ فقد اتبعتُ أيضًا طريقة الشيخ الألباني ﵀ في "الصحيحة" و"الضعيفة"، وذلك بذكرِ ما يعرضُ لي وما أقِفُ عليه، ثم أرتّبُ هذه الآثار على أبوابها الفقهية في فهرس الكتاب كي يتسنَّى للباحِثِ والقارئ الوقوف على مراده منها.
أما عن الفرق بين عملي في هذا الكتاب وعمل الشيخ زكريا بن غلام قادر الباكستاني في كتابه: "ما صَحَّ من آثار الصحابة في الفقه" -والذي صدر عن دار الخرَّاز ودار ابن حزم -فالفرق بين العملين يتلخَّص فيما يلي:
أولًا: أن كتابه خاص بآثار الصحابة -في الفقه- دون التابعين، وكتابي جمع آثار الصحابة والتابعين.
ثانيًا: أن كتابه -وفقه الله- خاص بالفقه دون غيره من أبواب الدين؛ أما كتابي فإنه شامل غير مختص بباب معين.
ثالثًا: أنه قد فات الشيخ -وفقه الله- كثير من الآثار التي تتعلق بكتابه؛ لم يودعها، ولعلّ ذلك يعود لصعوبة احتواء هذه الآثار في أبواب فقهية -كما أسلفت- وكما سيتبين من خلال هذه السلسلة إن شاء الله.
رابعًا: أن الشيخ اعتمد في كتابه على مصادر قليلة جدًا، أهمها: "الأوسط" لابن المنذر، و"المصنف" لابن أبي شيبة، و"مصنف عبد الرزاق"، وغيرها.
1 / 9
أما في هذه السلسلة فإني سأجمع -إن شاء الله- آثار الصحابة والتابعين من كتب الحديث المطبوعة -بما في ذلك السنن والمسانيد والمجاميع والأجزاء الحديثية- وما أقف عليه من مخطوطها.
خامسًا: أني أفصّل في حكمي على الأثر بالإعتماد على كلام أهل العلم السابقين -إن وجد- وإلا بيَّنتُ ذلك بذكر طرق الأثر، وتخريجه تخريجًا علميًا على قواعد تخريج الأحاديث المرفوعة.
وهذا هو المجلد الأول من قسم الصحيح من هذه الآثار، وهو يحتوي على ثلاثمائة وخمسين أثرًا، على أن تصدر هذه السلسلة تباعًا إن شاء الله تعالى، يسّر الله أمرنا وأمدّنا بعونه ورحمنا برحمته.
هذا؛ وأسألُ الله تعالى أن يتقبَّلَ مِنَّا أعمالنا، وأن يكتب لنا فيها الإخلاص والقبول، وأن لا يجعلَ لأحدٍ من خلقه في المقصد والمأربِ نصيبًا.
وهذا الكتاب أيها القارئ بين يَدَيكَ، وهو عمل بشر يعتريه الخطأ والزَّلَل، والحقُّ والصواب؛ فإن كانت الأولى فإني أستغفر الله تعالى من كل خطإٍ أو زللٍ، وأرجو ممن وقف على ذلك التصحيح والتنبيه، فإن العلم رَحِمٌ بين أهله، والنُّصح من مهمات هذا الدين. وإن كانت الثانية -وأسال الله تعالى أن يوفّقنا إليها- فهو فضل من الله ونعمة، وإكرام منه ومنّة، والحمد لله على كل حال.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صَلَّيْتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
كتب ذلك: الفقير إلى عَفْوِ ربّه الرحيم
أبو عبد الله
الداني بن منير آل زهوي
كان الله له
الجية، منطقة جبل لبنان
لثلاثٍ خلون من شهر صفر، سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف
1 / 10
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم يَسِّر وأعِنْ
١ - عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: "إن اللهَ نَظَرَ في قلوب العباد فوجَدَ قَلْبَ محمدٍ ﵌ خير قلوب العباد؛ فاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ برسالته ثم نَظَرَ في قلوب العباد بعد قَلْبِ محمد ﵌ فَوَجَدَ قلوبَ أصحابه خيرَ قلوب العباد؛ فَجَعَلَهُمْ وزراءَ نبيه؛ يقاتلون على دينِهِ؛ فما رآهُ المَسلمونَ حَسنًا فهو عند اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوْهُ سيئًا فهو عند الله سيِّئٌ".
أثر حسن. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٧٩) أو رقم (٣٦٠٠ - شاكر) والقطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" (٥٤١) والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٧٨) والطبراني في "المعجم الكبير" (٩/ رقم: ٨٥٨٢) والآجري في "الشريعة" (٢/ ٤١٣، ٤١٤/ ١٢٠٤، ١٢٠٥، ١٢٠٦) والبزار (٥/ ٢١٢/ ١٨١٦ - البحر الزخار) أو (١/ ٨١/ ١٣٠ - كشف الأستار) وأبو بكر بن النقور في "الفوائد" (٣٢) وابن الأعرابي في "معجمه" (٢/ ٤٤٣/ ٨٦١).
من طريق: أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبد الله بن مسعود به.
قال الحافظ ابن رجب ﵀ في "شرح علل الترمذي" (٢/ ٧٨٨):
"قال حنبل بن إسحاق، ثنا مسدد، ثنا أبو زيد الواسطي، عن حماد بن سلمة، قال: كان عاصم يحدثنا بالحديث الغداة عن زر، وبالعشي عن أبي وائل. قال العجلي: عاصم ثقة في الحديث، لكن يختلف عليه في حديث زر وأبي وائل".
وقال الدارقطني في "العلل" (٥/ ٦٦ - ٦٧/ ٧١١): "يرويه عاصم؛ واختلف فيه، فرواه أبو بكر بن عياش وابن عيينة عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، وخالفهما المسعودي وحمزة الزيات، فروياه عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله.
1 / 11
وخالفهم نصر بن أبي الأشعث؛ رواه عن عاصم، عن المسيب بن رافع ومسلم بن صبيح، عن عبد الله.
ورواه الأعمش، واختلف عنه؛ فقال عبد السلام بن حرب، عن الأعمش عن شقيق، عن عبد الله. وقال ابن عيينة: عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الله".
قلت: حديث المسعودي أخرجه: الطيالسي في "مسنده" (٢٤٦) والطبراني في "المعجم الكبير" (٩/ رقم: ٨٥٨٣) وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٧٥) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٢٢/ ٤٤٥) وفي "تاريخ بغداد" (٤/ ١٦٥) والبيهقي في "الإعتقاد" (ص ٤٤٨ ط دار الفضيلة) والبغوي في "شرح السنة" (١/ ٢١٤/ ١٠٥) وابن الأعرابي في "معجمه" (٢/ ٤٤٤/ ٨٦٢) والبيهقي في "المدخل إلى السنن" (رقم: ٤٩).
من طريق: المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود به. والمسعودي اختلط، لكن الراوي عنه هنا في بعض الطرق أبو داود الطيالسي، وسماعه منه قبل الإختلاط.
وتابعه عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن أبي وائل به؛ عند الطبراني في "الكبير" (٩/ رقم: ٨٥٩٣) وفي "الأوسط" (رقم: ٣٦٠٢) والبزار كما في "كشف الأستار" (٢٣٦٧).
وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٢٢ - ٤٢٣/ ٤٤٦) من طريق: الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله به.
ويُروى مرفوعًا عن أنس بإسناد ضعيف جدًا؛ انظر "الضعيفة" (٥٣٢).
والأثر حسّنه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (٩٥٩) والعجلوني في "كشف الخفاء" (٢/ ١٨٨) والألباني في "الضعيفة" (٢/ ١٧).
* * *
٢ - قال الحافظ أبو جعفر محمد بن سليمان المصيصي المعروف بـ"لوين" في جزئه (ص ٦٨/ رقم: ٢١ - ط. مكتبة الرشد بالرياض):
1 / 12
حدثنا أبو بحر بن عياش، عن عبد الملك بن عُمير، عن محمد بن المنقشر، عن عروة البارقي، قال: "كان لي أفراسٌ فيها فَحْلٌ شَرْوُهُ عشرون ألف درهم، ففقأ عينه دهقان؛ فأتيتُ عمر ﵁، فكتب إلى سعد بن أبي وقاص ﵁: أن خيّر الدِّهْقَان بين أن يُعْطِيَهُ عشرين ألفًا ويأخذ الفرس، وبين أن يغرم ربع الثمن.
فقال لي الدهقان: ما أصنع بالفرس؟! فغرم ربع الثمن".
أثر حسن. رجاله كلهم ثقات، وعبد الملك بن عمير اللخمي قال عنه الحافظ: "ثقة فصيح عالم، تغير حفظه، وربما دلس".
قلت: بل هو صدوق حسن الحديث إن شاء الله تعالى، كما تراه على التفصيل في "تحرير تقربب التهذيب" (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧/ ٤٢٠٠)؛ فانظره.
والدّهقان: يأتي بمعنى التاجر، أو المتصرف بحدة، أو زعيم فلاحي العجم، أو رئيس الإقليم ...
وفي الأثر بيان أن كتابة الأحاديث والأحكام كان على عهد الخلفاء الراشدين خلافًا لما يزعمه البعض.
وهذا الأثر يضاف إلى مقدمتي لكتاب "تقييد العلم" -للخطيب البغدادي- ط. المكتبة العصرية، في الفصل الذي كتبته عن تدوين الحديث.
وفيه أيضًا بيان الحكم الشرعي فيمن فقأ عين فرس غيره، كما هو مفصل في هذا الأثر.
* * *
من أَدَبِ المَجْلِس:
٣ - عن جابر بن سَمُرة ﵁ قال: "كُنَّا إذا أتينا النبيَّ ﵌ جَلَسَ أحدُنا حيث ينتهي".
أئر صحيح. أخرجه: أحمد (٥/ ٩١، ١٠٧ - ١٠٨) أو رقم (٢٠٩٢٤، ٢١١١٦ - قرطبة) وابنه عبد الله في زوائده على "المسند" (٥/ ٩٨) أو (٢١٠٠٤ - قرطبة) وأبو داود (٤٨٢٥) والبخاري في "الأدب المفرد" (١١٤١) والنسائي في
1 / 13
"الكبرى" (٣/ ٤٥٣/ ٥٨٩٩) والترمذي (٢٧٢٥) وزهير بن حرب في "العلم" (رقم: ١٠٠) وأبو جعفر المصيصي لوين في "جزئه" (رقم: ٢٢) وابن حبان (١٤/ ٣٤٥/ ٦٤٣٣) والطيالسي (٧٨٠) والبيهقي (٣/ ٢٣١) والطبراني في "الكبير" (٢/ رقم: ١٩٥١) والمعافى بن عمران في "الزهد" (رقم: ١٣٢) وأبو نعيم في "ذكر أخبار أصبهان" (٢٩٩).
من طريق: شريك بن عبد الله، عن سماك، عن جابر بن سمرة به.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب، وقد رواه زهير عن سماك أيضًا".
قال الشيخ الألباني ﵀ في "الصحيحة" (١/ ٢/ ٦٤٨/ رقم: ٣٣٠): "شريك فيه ضعف من قبل حفظه، لكن متابعة زهير إياه تقويه، وهو زهير بن معاوية بن حُديج، وهو ثقة من رجال الشيخين".
فقه الأثر:
قال العلامة الألباني ﵀:
"وفي الحديث تنبيه على أدب من آداب المجالس في عهد النبي ﷺ، طالما أهمله الناس اليوم -حتى أهل العلم- وهو أن الرجل إذا دخل المجلس يجلس فيه حتى ينتهي به المجلس، ولو عند عتبة الباب، فإذا وجد مثله فعليه أن يجلس فيه، ولا يترقَّب أن يقوم له بعض أهل المجلس من مجلسه؛ كما يفعل بعض المتكبرين من الرؤساء والمتعجرفين من المتمشيخين" اهـ.
* * *
٤ - قال عبد الله بن مسعود ﵁: "الإقتصادُ في السُّنّةِ خيرٌ من الإجتهاد في البدعة".
أثر صحيح. أخرجه: الحاكم في "المستدرك" (١/ ١٠٣) وأحمد في "الزهد" (رقم: ٨٦٩ - ط. دار الكتاب العربي) والدارمي في "مسنده" أو "سننه" (١/ ٨٣/ ٢١٧ - ط. دار الكتاب العربي) أو (١/ ٢٢٣/٢٩٦ - ط. حسين سليم أسد) واللالكائي (١/ ٦١، ٩٩/ ١٣، ١٤، ١١٤) والمروزي في "السنة" (رقم: ٩٠ - ط. العاصمة) وابن بطة في "الإبانة" (١/ رقم: ١٦١، ٢٠١، ٢٤٦، ٢٤٧)
1 / 14
وأبو ذر الهروي في "ذم الكلام وأهله" (٣/ ٧٠/ ٤٢٩، ٤٣٠ - ط. العلوم والحكم) أو (٢/ ٣٤٤، ٣٤٥/ ٤٣٧، ٤٣٨ - ط. الغرباء الأثرية) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٣٨٣/ ٣٩١) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/ ١١٧٩/ ٢٣٣٤) -معلقًا-.
من طريق الأعمش، عن عمارة بن عمير ومالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود به.
وإسناده صحيح.
وله طريق أخرى عند الطبراني في "الكبير" (١٠/ رقم: ١٠٤٨٨) فيها ضعف، بسبب محمد بن بشير الكندي، وانظر "مجمع الزوائد" (١/ ١٧٣).
وله طرق أخرى عند المروزي في "السنة" (٩١) وابن بطة في "الإبانة" (١/ رقم: ١٧٨، ١٧٩) وأبو جعفر الطوسي في "الأمالي" (رقم: ٤٨٤).
ورُوي الأثر عن أبي الدرداء وأُبي بن كعب.
والأثر صحّحه المحدث الألباني في "صلاة التراويح " (ص ٦ - ط. المكتب الإسلامي).
وأثر أبي الدرداء؛ أخرجه ابن نصر المروزي في "السنة" (رقم: ١٠٢) وابن بطة (٢٣٢) واللالكائي (١١٥) وغيرهم، وهو صحيح أيضًا.
* * *
٥ - عن حمزة بن صهيب؛ أن صهيبًا كان يكنى أبا يحيى، ويقول: إنه من العرب، ويطعم الطعام الكثير، فقال له عمر: "يا صهيب؛ مالك تكنى أبا يحيى وليس لك ولد؟ وتقول: إنك من العرب، وتطعم الطعام الكثير؛ وذلك سرف في المال؟!
فقال صهيب: إن رسول الله ﷺ كناني أبا يحيى.
وأما قولك في النسب؛ فأنا رجلٌ من النمر بن قاسط، من أهل الموصل، ولكني سُبيتُ غلامًا صغيرًا، قد غفلتُ أهلي وقومي.
وأما قولك في الطعام؛ فإن رسول الله ﷺ كان يقول: "خياركم من أطعمَ
1 / 15
الطعامَ وردَّ السلام"؛ فذلك الذي يحملني على أن أُطعِمَ الطعام".
أثر حسن. أخرجه: أحمد في "المسند" (٦/ ١٦) أو رقم: (٣٤٠٣٢ - قرطبة) وابن ماجه -مختصرًا- (٣٧٣٨) والطبراني في "المعجم الكبير" (٨/ رقم: ٧٣١٠) ولوين في "جزئه" (رقم: ٦٣) وابن سعد في "الطبقات" (٣/ ١٧٠ - ١٧١) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٤٠) وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١٥٣).
من طريق: عبد الرحمن بن مهدي، عن زهير، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب به.
قال الشيخ الألباني في "الصحيحة" (١/ ١/ ١١٠): "وإسناده حسن، وهو وإن كان فيه زهير؛ وهو ابن محمد التميمي الخراساني، فإنه من رواية غير الشاميين عنه، وهي مستقيمة. لكن حمزة لم يوثقه غير ابن حبان، وما روى عنه إلا اثنان، لكنه تابعي، فيمكن تحسين حديثه" اهـ.
وقال الحافظ أبو نعيم في "الحلية": "رواه يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن صهيب نحوه".
ثم ساقه من رواية محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى به.
وخالفه سعيد بن يحيى الأموي؛ فرواه عن أبيه، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه به.
أخرجه الحاكم (٣/ ٣٩٨) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١/ ٢١٨/ ٢٨٥).
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٨/ رقم: ٧٢٩٧) والتيمي في "سير السلف الصالحين" (٢/ ٤٥٥ - ٤٥٦). من طريق: ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه به.
وضعَّف إسناده الشيخ الألباني.
وأخرجه أحمد (٦/ ٣٣٣) من طريق: بهز، عن حماد بن سلمة، عن زيد بن أسلم؛ أن عمر بن الخطاب قال لصهيب ... فذكره.
1 / 16