98

सय्यिद रायस

السيد الرئيس

शैलियों

وكانت المجموعة تتزايد حول المرأة التي رقدت تتلوى وترتجف وعيناها تدوران في محجريهما، بينما تدلى لسانها إلى خارج فمها. وفي قمة الأزمة، انخلعت أسنانها الصناعية، وسرى هياج محموم بين النظارة، بينما تعالت ضحكة حين سقطت أسنانها فجأة على الأرض العارية.

ووضعت السيدة «تشون» حدا لهذا المشهد الشائن. كانت مشغولة هناك في الداخل وهرعت للمساعدة كالدجاجة السمينة التي تقاقي خلف فراخها؛ وأمسكت بالمرأة المسكينة من أحد ذراعيها ومسحت بها الأرض وهي تجذبها حتى المطبخ، حيث تعاونت معها «مانويلا» في وضعها في مخزن الفحم، بعد أن عاجلتها الطباخة ببعض ضربات من السيخ الحديدي.

واستغل الشيخ الذي أغرم بالخنزيرة الفوضى التي دبت فانتزعها من الميجور، الذي كان مخمورا جدا لدرجة لم يشعر معها بأي شيء. وصاحت ذات السن الذهبية حين عادت من المطبخ: يا لها من كلبة قذرة، هه، أيها الميجور «فارفان». إن مبايضها لا تؤلمها حين يحين وقت الأكل والنوم طوال اليوم؛ إن ذلك مثل الجندي الذي يشعر عند بداية المعركة بالذات بآلام في ...!

وغرقت عبارتها في انفجار ضحكات مخمورة. كانوا يضحكون كأنما يبصقون عسلا مخلوطا ب «الأنيس». وفي هذه الأثناء، تحولت السيدة «تشون» إلى البارمان وقالت له: لقد أردت أن أستعيض عن هذه المتوحشة العنيدة بالفتاة الجميلة التي أحضرتها من سجن «كاسانويفا» أمس. يا للخسارة إنها قد راحت من بين يدي! - آه، أجل، إنها كانت فتاة رائعة! - لقد قلت للمحامي إن عليه أن يحمل المدعي العسكري العام على إعادة نقودي لي. لن يستولي ابن العاهرة هذا على العشرة آلاف بيزو التي أعطيتها له. لست أنا من يفعل معها ذلك، هذا المجنون! - إنك على حق تماما. ولكني علمت أن ذلك المحامي ليس فوق مستوى الشبهات. - إنهم كلهم جماعة من المجرمين القذرين! - وهو بارع جدا في أساليب المساومة! - قل فيه ما تشاء. ولكني أعدك بشيء واحد: لن يلدغني المدعي العام مرتين. لو أنه يظن أن بإمكانه أن «يلهف» النقود مني هكذا ...!

ولم تكمل عبارتها واتجهت إلى النافذة لترى من يطرق الباب. وصاحت بصوت عال للرجل الواقف على الباب، يستحم في ضوء القنديل الأرجواني، ولفاعه مرفوع حتى عينيه: «يا لجميع الملائكة القدسيين! تحدث عن الشيطان تره!»

ثم توجهت دون أن ترد على تحيته كي تخبر البوابة أن تفتح الباب على الفور. - أسرعي وافتحي الباب يا «بانشا». أسرعي! افتحي بسرعة، إنه السيد «ميغيل»!

كانت السيدة «تشون» قد عرفته بحدسها الفائق وأيضا من عينيه الشيطانيتين. - حسنا، يا لها من معجزة!

وبينما كان ذو الوجه الملائكي يحييها، جال بعينيه في الحجرة، واطمأن حين رأى شخصا قابعا عرف فيه الميجور «فارفان»، وثمة خيط من اللعاب يسيل من فمه المفتوح. - معجزة كبرى؛ لأنه ليس من عادتك أن تزورنا نحن البسطاء. - كلا يا سيدة «تشون»، لا تقولي ذلك. - لقد جئت في وقتك. إنني كنت أتضرع لتوي للقديسين كيما يساعدوني في ورطة وقعت فيها، ولقد أرسلوك لي! - حسنا، إنني دائما تحت أمرك كما تعلمين. - شكرا. سأحكي لك عن ورطتي، ولكن يجب أولا أن تشرب شيئا. - لا تتعبي نفسك ... - ليس هناك من تعب. كأس صغير ليس إلا، كأس صغير مما تحب، مما تريد. برهان على حسن النية! كيف تريد الويسكي؟ ولسوف أقدمه لك في جناحي الخاص؛ تعال معي.

وكان جناح ذات السن الذهبية منفصلا تماما عن بقية الدار، وبدا كأنه عالم بحاله. مناضد، صوانات بأدراج، بوفيهات، كلها مزدحمة باللوحات والتماثيل والصور والآثار الدينية. وكانت ثمة لوحة للعائلة المقدسة تلفت الأنظار بحجمها الهائل والمهارة التي رسمت بها. كان يسوع الطفل في طول زنبقة بيضاء، وكان ما ينقصه أن يتكلم. وكان على الجانبين صورة رائعة للقديس يوسف مع العذراء في رداء مرصع بالنجوم. وكانت العذراء مزدانة بالجواهر، في حين يرفع القديس كأسا مرصعة بياقوتتين، كل منهما تساوي ثروة. وفي داخل صندوق زجاجي، كان ثمة تمثال ليسوع أسمر البشرة يحتضر، مغطى بالدماء، وفي صندوق زجاجي آخر عريض محاط بالأصداف كان ثمة تمثال للعذراء صاعدة إلى السماء - وهي تقليد بالنحت للوحة «موريللو» المشهورة. وكان أثمن شيء في التمثال هو الأفعى المصنوعة من الزمرد، التي تقعي عند قدمي العذراء. وبين الصور المقدسة كانت هناك لوحات للسيدة «تشون» (والاسم تصغير لاسمها الحقيقي وهو «كونسبسيون») في سن العشرين، حين كان ثمة رئيس للجمهورية تحت قدميها، عارضا عليها أن يأخذها إلى «باريس»، فرنسا، وكذلك قاضيان من قضاة المحكمة العليا، وثلاثة جزارين يتقاتلون بالسكاكين في أحد المهرجانات من أجلها. وفي أحد الأركان، بعيدا عن الأنظار، صورة لمن صمد من عشاقها، وهو رجل كثيف الشعر، انتهى به الأمر أن أصبح زوجا لها. - اجلس هنا على الأريكة يا سيد «ميغيليتو»، ستكون مرتاحا هناك. - إنك تعيشين عيشة هنية يا سيدة «تشون». - إني أعمل على راحتي ... - إن المكان، كالكنيسة ... - لا تهزأ بي، لا تسخر من قديسي. - وماذا تريدين مني؟ - اشرب كأسك أولا. - حسنا جدا، في صحتك. - في صحتك يا سيد ميغيليتو. وأرجو أن تغفر لي عدم شربي معك؛ إذ إن معدتي ليست على ما يرام. ضع كأسك هنا، على هذه المنضدة الصغيرة. هنا، ناولني إياه. - شكرا. - حسنا؛ كنت أقول يا سيد «ميغيليتو» إنني في ورطة شديدة ويسعدني أن أسمع نصائحك، ذلك النوع الذي يمكنك وحدك أن تسديها لي. لقد حدث أن أصبحت إحدى النساء التي لدي هنا لا نفع فيها فجأة، لذلك فقد أخذت أبحث عن غيرها. وقال لي أحد أصدقائي إن ثمة سجينة في «كاسا نويفا» موضوعة هناك بأمر من المدعي العام، فتاة جميلة هي ما أبتغي بالضبط. حسنا، إني أعرف ما يجب عمله، لذلك فقد ذهبت مباشرة إلى محامي - السيد «خوان فيداليتاس» - الذي سبق أن تحصل على بعض النسوة لداري، وجعلته يحرر لي خطابا مناسبا للمدعي العسكري العام، عارضة عشرة آلاف بيزو ثمنا لها. - عشرة آلاف بيزو؟ - أجل. ولم يكذب المدعي العام خبرا، فقد أجابني على الفور أنه موافق، وحالما تسلم النقود (التي أحصيتها بنفسي أوراقا نقدية من فئة 500 بيزو على مكتبه) أعطاني أمرا كتابيا لسجن «كاسانويفا» لتسليمي الفتاة التي أريدها. وقالوا لي هناك إنها سجينة لأسباب سياسية. يبدو أنهم قبضوا عليها في منزل الجنرال «كاناليس». - ماذا تقولين؟

كان ذو الوجه الملائكي يتابع قصة ذات السن الذهبية بعدم اكتراث، مرهفا أذنيه للباب كيما يتأكد من عدم مغادرة الميجور «فارفان» للمكان دون علمه (ذلك أنه كان قد بحث عنه ساعات طويلة) ولكنه حين سمع اسم «كاناليس» بدا وكأن شبكة من الأسلاك الدقيقة قد نشرت فجأة أمامه. لا بد أن هذه المرأة التعسة هي المربية «تشابيلا» التي ذكرتها كميلة في هذيانها المحموم. - آسف أن أقاطعك ... ولكن أين هذه المرأة الآن؟ - سوف آتي لذلك، ولكن دعني أكمل قصتي. أخذت أمر المدعي العام وذهبت بنفسي مع ثلاث فتيات لإحضارها من «كاسانويفا». لم أكن أريد أن يخدعوني ويعطوني أخرى أقل منها شأنا. وقد ذهبنا في عربة أخرى حتى نكون مستريحات. وهكذا وصلنا، وأعطيتهم الأمر، وفحصوه وقرءوه جيدا، وأحضروا الفتاة، وسلموها لي، وباختصار، أحضرناها معنا هنا حيث كان الجميع في انتظارها وأحبوها لأول وهلة. كل شيء على ما يرام حتى الآن، هه، يا سيد ميغيليتو. - وأين وضعتموها؟

अज्ञात पृष्ठ