بيد أن المدعي العسكري العام كان أشد سرورا بالورقة التي وقع عليها «روداس» بإمضائه، والتي كان نصها كما يلي:
تسلمت من السيدة «كونسيسيون غاموسينو»، ولقبها «ذات السن الذهبية»، صاحبة محل الدعارة المسمى «النشوة اللذيذة»، مبلغ عشرة آلاف بيزو بالعملة المحلية، وهو مبلغ أعطته لي كتعويض جزئي عن الضرر الذي سببته لي بإغواء زوجتي - السيدة «فيدينا دي روداس» - بأن استغلت حسن نيتها وطيبتها، واستغلت السلطات بأن عرضت عليها العمل كخادمة لديها، ثم أدرجتها، دون أي تصريح بذلك، في عداد الفتيات اللائي يعملن في بيت الدعارة.
خينارو روداس
وسمع صوت الخادمة تقول من وراء الباب: هل يمكنني الدخول؟ - أجل، ادخلي.
لقد أتيت لأرى ما إذا كنت تحتاج لأي شيء. إنني ذاهبة إلى الحانوت لشراء شمع، ولا بد أن أقول لك إنه قد حضرت إلى هنا امرأتان من بيت الدعارة، قالتا لي أن أقول لك إنه إذا لم تعد إليهما العشرة آلاف بيزو التي سرقتها منهما، فسيذهبان ويشكوان للرئيس.
وتمتم المدعي العام وقد بدا عليه الضيق وهو ينحني ليلتقط طابع بريد من على الأرض، وماذا أيضا؟ - كما حضرت سيدة في ملابس الحداد تريد رؤيتك، وأظن أنها زوجة الرجل الذي أعدم ... - أي واحد فيهما؟ - السيد «كرفخال». - حسنا، وماذا كانت تريد؟ - لقد أعطتني المسكينة هذا الخطاب. أظن أنها تريد أن تعرف أين دفن زوجها.
وبينما المدعي العام يتطلع في تردد إلى الورقة المحاطة بالسواد، استطردت الخادمة تقول: علي أن أقول لك إنني قد وعدتها بأن أبذل جهدي لمساعدتها لأنني أشعر بالأسف من أجلها، فخرجت المسكينة وهي تؤمل خيرا. - لقد قلت لك مرارا وتكرارا إنني لا أحب أن تتعاطفي مع الناس. يجب عليك ألا تشجيعهم على الأمل خيرا. متى ستفهمين أن عليك ألا تشجعي الناس على الأمل خيرا؟ في بيتي، أول شيء يجب على الجميع، حتى القطة، أن يتعلموه هو أنه لا توجد أسباب لأي أمل من أي صفة لأي شخص. إن المرء لا يمكنه الاحتفاظ بمنصب مثل منصبي إلا إذا أطاع الجميع أوامره ؛ والقاعدة التي استنها السيد الرئيس هي عدم إشاعة أي أمل، وينبغي ركل الناس وضربهم والدوس عليهم إلى أن يتبينوا ذلك. حين تأتي تلك السيدة، عليك أن تعيدي إليها خطابها، مطويا كما هو، وتقولي لها إنه لا سبيل لها إلى معرفة المكان المدفون فيه زوجها. - لا تغضب هكذا وإلا فسوف تقع فريسة للمرض. سأقول لها ذلك. رعاك الله وسدد خطاك.
وخرجت تحمل الخطاب وتجر قدميها، واحدة بعد الأخرى، واحدة بعد الأخرى، تحت تنورتها المنشاة.
وحين بلغت المطبخ، جعدت الخطاب بين أصابعها وألقت به وسط الفحم، وتغضنت الورقة بين النيران كأنها جسم حي، ثم تحولت فجأة إلى كتلة من الديدان الصغيرة المصنوعة من أسلاك الذهب. ومشت قطة سوداء عبر الرفوف حيث اصطفت مرطبانات البهارات، منبسطة كالجسور، ثم قفزت على المقعد الحجري إلى جوار المرأة العجوز، وحكت نفسها على بطنها العقيم، وهي تهر كصوت تطاول إلى أن أصبح ذا أقدام أربع؛ ثم ثبتت عينيها الذهبيتين، في حب استطلاع شيطاني، على قلب النيران التي كانت الآن قد أتت على الخطاب وأحالته رمادا منثورا.
الفصل الرابع والثلاثون
अज्ञात पृष्ठ