وسبق الهندي قدما مع البغل ليعلن وصولهما لصديقات «كاناليس»، وهن ثلاث أخوات غير متزوجات يقسمن حياتهن بين الصلوات وآلام احتقان اللوز، والتاسوعيات وآلام الأذن، وآلام الوجه والظهر والجنبين. والتهمن النبأ، وكاد أن يغمى عليهن من فرط المفاجأة. واستقبلن الجنرال في حجرة النوم؛ ذلك أن حجرة الاستقبال لم تكن توحي لهن بالثقة.
وفي الريف، يدخل الزوار المنزل دون استئذان ويتوجهون لتوهم إلى المطبخ: السلام لك يا مريم، السلام لك يا مريم.
وحكى لهن الجنرال قصة نكبته في رنة بطيئة هادئة، وذرف عدة دمعات حين أتى على ذكر ابنته.
وبكت صديقاته من الحزن، وكان حزنهن عظيما لدرجة نسين معه آلامهن، ووفاة والدتهن، التي كن يرتدين السواد الكامل حدادا عليها. - ولكنا سوف نرتب أمر فرارك وعبورك الحدود بأي ثمن، سوف أذهب لأسأل الجيران. لقد حان الوقت كيما نتذكر من فيهم يعمل بالتهريب. ذلك إني أعرف أن كل المعابر الممكنة تقريبا تحرسها السلطات.
كانت كبراهن هي التي قالت ذلك، وتطلعت متسائلة إلى الأخريين.
وقالت الوسطى، التي سكنت آلام أسنانها بفعل مفاجأة وصول الجنرال «كاناليس»: أجل، سوف نرتب أمر فرارك كما قالت أختي، يا جنرال. ولما كنت أعتقد أنك ستكون بحاجة إلى بعض المؤن، فسوف أذهب وأجهزها.
وقالت الصغرى: ولما كنت ستمضي اليوم معنا فسوف أبقى لأحادثك وأسليك شيئا ما.
ونظر الجنرال بامتنان إلى الأخوات الثلاث - فقد كانت الخدمة التي يقدمنها له فريدة - ورجاهن في صوت خفيض أن يغفرن له ما سببه لهن من متاعب. - لا شيء من هذا يا جنرال. - كلا يا جنرال، لا تقل هذا. - إني أدرك مدى طيبتكن وشفقتكن يا عزيزاتي، ولكني أعرف أنني أورطكن معي بوجودي في المنزل. - ولكنا صديقاتك مع كل هذا. لك أن تتصور أنه منذ ماتت أمنا ... - ولكن، قولي لي، كيف ماتت والدتكن؟ - سوف تحكي لك أختي هذا، سوف نذهب نحن ونجهز الأشياء.
قالت الأخت الكبرى هذا، ثم تنهدت. كانت تحمل مشد الخصر ملفوفا في شالها، وتوجهت لترتديه في المطبخ، حيث كانت الأخت الوسطى تجهز بعض المؤن للجنرال، تحيط بها الخنازير والدواجن. - لم يكن ممكنا نقلها إلى العاصمة، ولم يفهموا علة مرضها هنا، وأنت تعرف الأمر يا جنرال. وقد ساءت حالتها شيئا فشيئا، المسكينة، وماتت وهي تبكي لأنها تتركنا وحدنا في الدنيا. لم يكن هناك سبيل لتفادي ذلك. ولكن تصور أنه لم يكن معنا نقود ندفع منها أجر الطبيب، الذي أرسل إلينا فاتورة بخمس عشرة زيارة يصل ثمنها إلى حوالي قيمة هذا المنزل، وهو الشيء الوحيد الذي خلفه لنا والدنا. اسمح لي بدقيقة، سأذهب لأرى ما يحتاج إليه خادمك.
وحين خرجت الأخت الصغرى، استغرق «كاناليس» في النوم. عينان مغلقتان. جسد في خفة الريشة. - ماذا تريد أيها الفتى؟ - بحق السماء، أخبريني أين أستطيع أن أقضي حاجتي ...؟ - هناك، في زريبة الخنازير!
अज्ञात पृष्ठ