الحامل على ذلك أن المسلم لا يسب، ولم أرد أحدًا من الشافعية صرح بأن الساب مطلقًا لا تقبل توبته، لأن الإمام حيث صرح عن الفارسي بعدم قبول التوبة إنما نقله في القذف وإن كان في غضون كلامه ما يقتضي تعميمه، وغير الإمام نقله في السب واقتصر على قوله: "يقتل حدا"، وقد قدمت أن قتله حدًا لا ينافي قبول توبته.
وأما الحنابلة فكلامهم قريب من كلام المالكية، المشهور عن أحمد عدم قبول توبته، وعنه رواية بقبولها/، فمذهبه كمذهب مالك سواء.
هذا تحرير المنقول في ذلك.
وأما الدليل فمعتمدنا في قبول التوبة قوله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) [الأنفال: ٣٨]، وقوله تعالى: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم (٥٣» [الزمر: ٥٣]، وقوله تعالى: (كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين (٨٦) أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (٨٧) خالدين فيها لا يخف عنهم العذاب ولا هم ينظرون (٨٨) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (٨٩» [آل عمران: ٨٦ - ٨٩]، وهذه نص في قبول توبة المرتد، وعمومها يدخل فيه الساب.
1 / 175