نظم "الوجيز"، فيحتمل أن يقال إن هذا التردد خاص بالقذف، فإن حد القذف في غير النبي ﷺ لا يسقط بالتوبة، ولا يتخير فيه الحاكم، ويفتقر إلى طلب المقذوف، وينتقل لورثته، كل ذلك مما لا خلاف فيه.
والسب لغير النبي ﷺ بما سوى القذف إنما يوجب التعزيز، واختلفوا في أن الإمام هل يتخير فيه/ أو لا، فعلمنا بهذا أن الحد أقوى من التعزيز، وموجب الحد أقوى من موجب التعزيز، وهما في حق النبي ﷺ مقتضيان للتكفير، مستويان في ذلك قبل التوبة والإسلام، أما بعده فيجوز أن يظهر أثر اختلافهما، ويكون حكم الأول أنه لا يسقط كسائر الحدود، أعني حد القذف، في غيره لا يسقط إلا بعفو المقذوف أو وارثه، وهو هنا متعذر، أعني العفو، والحد هنا القتل، فلذلك لا تقبل التوبة على وجه، وعلى وجه تقبل بالنسبة إلى القتل، ويحد حد القذف. وحكم الثاني: السقوط.
ويحتمل أن يُقال: إن كلًا منهما يسقط بالإسلام، لأنا نعلم من شفقة النبي ﷺ على أمته ورحمته لهم ورأفته بهم ورغبته في هدايتهم أنه لو كان حيًا لقبل إسلامهم وعفا عنهم وأن ذلك يرضيه، ولم يصح أن النبي قتل أحدًا بعد التلفظ بالشهادتين بغير الزنا والقصاص، وحينئذ تكون مسألتان:
إحداهما: السب بغير القذف، ولا خلاف بين الشافعية في سقوطه بالإسلام.
والثانية: السب بالقذف، وهو محل الخلاف، والراجح فيه السقوط أيضًا. هذا وجه من البحث بحسب ما يقتضيه كلام الرافعي.
ويحتمل أن يقال: إن الوجه الثالث القائل بجلد ثمانين لا يأتي في غير القذف بلا إشكال، لكن يأتي بدله أنه يعزر، لأن القتل حق الرسالة المتعلقة
1 / 172