ومن أين لكم أنه يوجد مكان عدمي ومكان وجودي ! وجهة عدمية وجهة وجودية ! وعلو عدمي وعلو وجودي ! وأين هذه التقسيمات في كلام العرب ؟!
وأين الدليل من الكتاب والسنة وكلام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين على أن الله في مكان عدمي وجهة عدمية ؟!
فالساق بمعنى الشدة ، والجنب بمعنى الحق ؛ فمعنى (( في جنب الله )) قوله تعالى : (( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله )) [ الزمر : 56 ] ؛ في حقه تعالى الذي هو طاعته ؛ تقول العرب : فلان أساء في جنب فلان . أي في حقه ، إذ التفريط في جنب الله الذي هو على حقيقته عند المجسمة لا يعقل .
فأنت ترى أيها القارئ الفطن أن تفسيرنا هو الصحيح الذي هو مراع لبلاغة القرآن والذي هو على أعلى قمة في البلاغة والذي تحدى الله به العرب بأجمعها ، وأن تفسيرنا للآيات المتشابهة مفهوم يفهمها كل من له بعض إلمام بلغة العرب مفرداتها وتركيبها .
فهل يصح أن يخاطبنا الله بكلام لا يفهمه أحد ؟! وبكلام لا فائدة فيه غير حروف يجب أن تعتقدها في الله ؟! ومع أن الخطاب بكلام لا يفهم عبث أو جهل وكلاهما محال على العارف منا فكيف بالله العالم الحكيم !
ومع أن ابن تيمية وأتباعه عابوا على المفوضية حينما فوضوا وردوا عليهم بأن الله لم يخاطبنا بما لا نفهم ، بل خاطبنا بما نعقله ونفهمه ، بل استدل ابن تيمية على أن الراسخين في قوله تعالى : (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )) [ آل عمران : 7 ] ؛ فاعل وأنهم يعلمون تأويله .
فلماذا يعتقد ابن تيمية وأتباعه عقيدة لا تعقل ؟ ولماذا جعلوا القرآن ألغازا لا تفهم معانيها ؟! قال تعالى واصفا القرآن بأنه (( كتاب مبين )) [ النمل : 1 ] ! فأين الإبانة مع أن ما فسروه غامض بل وغير معقول ؟!
पृष्ठ 29