============================================================
قديه يختلف أسلوب عتار البدليسي في كتابيه، عن غيره ممن سبقه في الكتابة عن التصوف، بأنه يتوجه إلى الخيال الصوفي المتمكن لدى مريديه، لكي يحفزهم إلى دراسة التصوف ممارسة وتطبيقا (= على الحقيقة)، وليس فلسفيا وذهنيا فقط. ومع أنه لا يضيف حقائق جديدة إلى ما جاء به الأوائل من الصوفية المحققين، إلا أنه يسكب تلك الأفكار في قوالب مرصعة أحيانا بالسجع والكلمات المتشعبة المعاني، لكي يثير في نفوس مريديه حمية التأثل والتفكر والذكر، في الخلوة وخارجها. وفي أسلوبه هذا، يعطي عمار القاري الانطباع بأنه يتكلم عن معان يصعب سبر غورها إلا بالذوق 9 والمشاهدة، لأنه يغترفها من بثر أسرار عميقة. ويبدو أن بعض هذه السوانح كانت تجيئه بغتة أثناء الكلام، وأحيانا بعد ذكر بعض الكلمات التي تذكره فجأة بمعان جديدة فيلحقها بجملته السابقة، مما يجعل فهم بعض نصوصه صعب المنال: ثم إن كون عمار شيخ تربية في الأساس، جعله يتوجه إلى قلوب مريديه وخيالهم، ملمتحا لهم عما قد يذوق بعضهم من الأحوال، وما قد 15 يصل إليه بعضهم من المقامات، إن هم ساروا على الطريقة التي يدربهم على ممارستها، وإن هم نجحوا في التخلص من علاثق الدنيا بكاملها، وواصلوا ترويض النفس الأمارة بالسوء إلى أن تصبح راضية مرضية، وإن هم انتصروا 18 على وساوس العدو (- الشيطان) التي تأتيهم أحيانا من حيث لا يتوقعون، وذلك بالاستقامة الحقة ودوام ذكر القلب.
لا يسهل لنا مثل هذا الأسلوب، الموجه في الأساس إلى مريديه 21
पृष्ठ 3