الثاني: أن سائر الذين لعنهم الله في كتابه مثل الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ومثل الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ومثل من يقتل مؤمنا متعمدا إما كافر أو مباح الدم بخلاف بعض من لعن في السنة.
الثالث: أن هذه الصيغة خبر عن لعنة الله له ولهذا عطف عليه ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ وعامة الملعونين الذين لا يقتلون أو لا يكفرون إنما لعنوا بصيغة الدعاء مثل قوله ﷺ: " لعن الله من غير منار الأرض " و" لعن الله السارق " و" لعن الله آكل الربا ومؤكله " ونحو ذلك.
لكن الذي يرد على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ فإن في هذه الآية ذكر لعنتهم في الدنيا والآخرة مع أن مجرد القذف ليس بكفر ولا يبيح الدم.
والجواب عن هذه الآية من طريقين مجمل ومفصل.
أما المجمل فهو أن قذف المؤمن المجرد هو نوع من أذاه وإذا كان كاذبا فهو بهتان عظيم كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ والقرآن قد نص على الفرق بين أذى الله ورسوله وبين أذى المؤمنين فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ
1 / 43