﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَه﴾ وقال: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية.
وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين وأن جهة حرمه الله تعالى ورسوله جهة واحدة فمن آذى الرسول فقد آذى الله ومن أطاعه فقد أطاع الله لأن الأمة لا يصلون ما بينهم وبين ربهم إلا بواسطة الرسول ليس لأحد منهم طريق غيره ولا سبب سواه وقد أقامه الله مقام نفسه في أمره ونهيه وإخباره وبيانه فلا يجوز أن يفرق بين الله ورسوله في شيء من هذه الأمور.
وثانيها: أنه فرق بين أذى الله ورسوله وبين أذى المؤمنين والمؤمنات فجعل على هذا أنه ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ وجعل على ذلك اللعنة في الدنيا والآخرة وأعد له العذاب المهين ومعلوم أن أذى المؤمنين قد يكون من كبائر الإثم وفيه الجلد وليس فوق ذلك إلا الكفر والقتل.
الثالث: أنه ذكر أنه لعنهم في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا واللعن: الإبعاد عن الرحمة ومن طرده عن رحمته في الدنيا والآخرة لا يكون إلا كافرا فإن المؤمن يقرب إليها بعض الأوقات ولا يكون مباح الدم لأن حقن الدم رحمة عظيمة من الله فلا يثبت في حقه.
ويؤيد ذلك قوله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ فإن أخذهم وتقتيلهم والله أعلم بيان صفة لعنهم وذكر لحكمة فلا موضع له من الإعراب وليس بحال ثانية لأنهم إذا جاوروه ملعونين ولم يظهر أثر لعنهم في الدنيا لم يكن في ذلك وعيد لهم
1 / 41