قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين .
الحب هنا لفظة. وقد كان مشاعر. ولكنه لفظة قرآنية شريفة. لم تقل يا أبت أحبه أو يا أبت زوجني منه .. وإنما استأجره .. ويفهم الأب ما يراود ابنته من مشاعر، ويحفظ عليها حياءها فيكفيه أن يسمع ابنته تقول إنه قوي أمين. فهي إذن تمتدحه، وهي إذن تقبله.
قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج
5
فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين * قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل * فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست
6
نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون .
أترى هنا إلى إعجاز البناء القصصي؟ لقد تم عقد بين والد الفتاتين وبين موسى .. وتم الزواج وقضى موسى أجل العقد .. ثم سار بأهله حتى آنس نارا .. وفي كلمة آنست نارا هذه قصة قد يرويها البشر في صفحات طوال طوال لا تنتهي؛ فهي تعني أنهم ضلوا الطريق؛ فلو لم يكونوا قد ضلوا الطريق لما كان وجود النار أمرا يستحق أن يذكر .. ثم هو يريد أن يأتي لامرأته بجذوة نار لتصطلي، فالبرد إذن شديد قارس. وهناك أمر آخر. لقد قضى مع زوجته سنوات أقلها ثمان، وهو يهتم بها، ويحاول أن يأتي لها بنار تصطلي، فالزواج إذن كان موفقا سعيدا؛ كل هذا وأكثر منه في الكلمات القلائل. والإعجاز هنا أن طريقة العرض ترغمك على أن تفكر فيما وراء الألفاظ حتى تندمج مع القصة القرآنية، وتعيش فيها بنبض إحساسك وكل تفكيرك، وتلك هي قمة الإعجاز في العرض القصصي. •••
ماذا وجد موسى عند النار؟
فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين (سورة القصص: آية 30).
अज्ञात पृष्ठ