قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون .
إذن فقد نزلت الطامة. ويتشاور الإخوة فيما يفعلون، فيقول كبيرهم إنه سيبقى إلى جانب أخيه. وعليهم هم أن يخبروا أباهم أن ابنه قد سرق، وأن هذا لم يكن في حسبانهم، ولكن هيهات.
قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم * وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم
19 .
وهكذا تبلغ القصة قمتها وتكتمل المأساة .. وأسهل شيء في القصة أو الرواية عند السرد هي القمة أو المأساة، وأصعب شيء هو بلوغ هذه القمة. كيف يستطيع الراوي أن يصل إليها في فنية وبراعة دون قفزات متكلفة لا تمهيد فيها ولا معقولية. إن البلوغ إلى القمة هو أصعب شيء في القصة وفي الحياة جميعا.
وحين يصل الروائي إلى القمة تواجهه صعوبة أخرى. كيف يصل من هذه القمة إلى الحل؟ هذا هو إعجاز القرآن. أما في القصة الكاملة فلا بد أن يكون الكاتب روائيا متمكنا لا تفلت منه الخيوط، ولا تنساب من بين يديه الشخصيات لتضرب في ظلام دامس من اللامعقولية والتخبط.
أعود فأكرر أنني أشك كثيرا أن يكون الغرب بمنأى عن هذه القصص القرآنية. لعل التاريخ قد أهمل .. وكم أهمل التاريخ .. فلم يذكر لنا أن القرآن قد ترجم إلا في العصر الأخير. وإلا فكيف استطاع أولئك الروائيون الذين أنشئوا فن القصة أن يضعوا هذه القواعد، فإذن هي منقولة عن القرآن وقصصه نقلا يوشك أن يكون حرفيا. نعرف أن القرآن قد ترجم وأفاد منه تولستوي الذي كان يعرف العربية، ولكني أعتقد أنه ترجم قبل أن يعرف فن الرواية جميعا.
سيروا بنا مع خاتمة قصة يوسف لنرى كيف أخذت قواعد القصة من العرض الفني لقصص القرآن.
في غمرة من يأس الأب على فقد ولديه يقول لبنيه:
يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون .
अज्ञात पृष्ठ