التاريخ ونقرأ ما جرى على الخزائن والمكتبات من احراق واغراق واتلاف وتدمير، فقد أقام الفاتحون من الكتب جسرا على نهر دجلة، ورموا الكثير منها في مواقد المطابخ والاتلاف والحمامات.
والذي نراه اليوم بأيدينا من التراث ومن كتب الأقدمين لم يكن غير النذر اليسير من التراث الضخم الفخم الذي تركه السلف لنا، واننا لنقرأ اسماء الكثيرين من العلماء والأدباء والرواة والمحدثين ولا يوجد بين ايدينا شيء من آثارهم، كما اننا نقرأ اسماء لكثير من المؤلفات والمصنفات ولا أثر لها في دور الكتب العامة والخاصة.
هذا وبعد هذه المرحلة الأليمة ... يأتي دور الغزو الغربي للشرق فحين بدأ الاستعمار الغربي يغزو الشرق بحيله ومواعيده الخلابة الفارغة اندفعت شرذمة من أذنابه وعيونه لنهب التراث الفكري واستعمار الجانب الثقافي بعد ان تهافت الغرب على نقل العلوم التي اشتغل العرب بها أبان نهضتهم العلمية، فكان تراثنا العلمي مبعثرا في الآفاق وموزعا في الأقطار فمنه جانب في مكاتب الأستانة، وجانب في الأسكوريال، وقسم كبير في مكتبات أوروبا ومتاحفها، وقد انقضت السنون وتلتها اخواتها وما زلنا حتى الساعة هذه نمشي على انتظار ما تجود به علينا أيدي المستشرقين من هذا التراث الحي الذي فيه النتاج العلمي والنتاج الأدبي والنتاج الروحي. لقد أخذ تراثنا الفكري طريقه الى الغرب، وشق ركبه اليه منذ سنين وقرون متمادية على يد نفر زين لهم، حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب (1).
زين لهم وأغروهم بالأموال فجمعوا التراث الفكري وشروه ببخس دراهم معدودة ، وأدعوه في الصناديق وجهوه الى الغرب بشتى الطرق والوسائل، وهذا
पृष्ठ 8