साक़ अला साक़
الساق على الساق في ما هو الفارياق
أهدي سلامًا لو تحمله النسيم لعطر الآفاق. ولو جعل للبدر هالة لما اعتراه المحاق. ولو مزجت به الصهباء لما أعقب شربها صداعًا. ولو أستفّه مريض أو لقمه لما لقي برجاء وأوجاعًا. ولو عُلق على شجرة لزهت في المحال أوراقها ولو في الخريف. ولو سقيه الروض لانبت من كل زهر بهيج طريف. ولو جعل على أوتار عود لأطربت دون عازف. ولو تُغنَّي به في مجلس لا غنى عن المشموم والمعازف ولو علّق في الآذان لكان شنوفًا. ولو صقل به سيف كليل رهيفًا. ولو مثل لكان حدائق ورياضًا. وسلسلًا ومحاضًا. ولو نيط بالعمائم. لا غنى عن التمائم. ولو تختم به ولهان لأجزأه مُجزأ السوان. ولو كتب على رجام لا لهي الثاكل عن النواح أو على خصر هيفاء لقام لها مقام الوشاح. أو على أنف مزكوم لنا أحوجه إلى السعوط أو على ساق أعرج لكان له من قفزه يبق وفروط. أو على لسان أبكم لانحلت عقدته. أو على كف بخيل لهان عليه في البذل ذهبه وفضته. أو على أجاج لعاد فراتا. أو على رمل لأنبت الريحان نباتًا. وتحيات فاخرة. ذكية عاطرة. أرق من النسيم. وأحلى من التسنيم. وأشهى من العافية على بدن السقيم. وأجلى للعين من الأثمد وأغلى للناقد من المسجد. وأصفى من الماء الزلال. وأعلق بالقلب من أمل الوصال. وأشغل للبال من هوى ذي دلال. وأزهر من نور الصباح وأزهى من نور الأفاح. وأعبق من شذا الراح. وأثمن من الجوهر النفيس وأعز عند البستي من التجنيس. وعند أبي العتاهية من الزهديات. وعند أبي نواس من الخمريات. وعند الفرزدق من الفخريات. وعند جرير من الغزليات. وعند أبي تمام من الحكم. وعند المتنبي من جزل الكلم. تهدي إلى الجناب المكرم. المقام المحترم. ملاذ الملهوفين. مستغاث المضيمين. ثمال المظلومين. ملجأ المهضومين. منهل القاصدين. مورد الطالبين. أدام الله سعده. وخلد مجده.
وبعد يا سيدي فأني قدمت هذه الديار وأنا حامل لخرج قد أنقض ظهري وعمل به صبري. ولم أجد من يزحزحه عني ولو قليلًا. ولست أجد بنفسي إلى التخلص منه سبيلًا. وقد هديت إلى نور معروفك في جنح هذا العماس. وأُنبئت إنك أنت وحدك معتقي من هذا الإرتباس. دون سائر الناس. فهل تسمح لي بأن أزور ناديك الكريم. وأبث إليك مشافهة ما بي من البث المقيم والضر الأليم. فأنك أهل لأن تأخذ بيد من لا ناصر له وأن تصطنعه لك بالتفاتة تحقق أمله. وتنيله ما أمله. وإن تتخذه لك ما عاش رهين شكرك ممنون برّك. فهو يرجو ذلك منك رجاء من لاذ بعقوبة فخرك. فإن رأيت أن تفعل فذلك من إحسانك وطول امتنانك. والسلام.
وكتب عنوانه يشرف بأنامل سيدي الأكرم الأحسب الأفخم الأوحد الأفضل الأسعد الأمثل الأرشد الأكمل الأمجد الأجلّ الخواجا فلان أدام الله بقاه بالعز والنعم.
1 / 93