وهذا قصارى الدنيا ، وغاية كل عليا ، والأيام لا تلوي على أحد ، ولا تألو أن تثلم كل حد ، وتفرق كل عد ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، ولله در من قال :
ونهاية الدنيا وغاية أهلها
ملك يزول وستر قوم يهتك
وتوفي الشريف بركات المذكور سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة.
وفي أيامه وأيام ابنه أبي نمي انتقل ملك مصر إلى ملوك بني عثمان ، وذلك في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة ، فأول من ملكها منهم وهو عاشرهم السلطان سليم بن السلطان بايزيد (1) فجهز إلى الشريفين المذكورين قاصدا بالاستقرار والاستمرار وذلك سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة ، وغلط من قال سنة تسع وعشرين. فكان السلطان المذكور أول من ملك الحرمين من آل عثمان.
وفي مفتاح الخير (2): لا يملك الحرمين إلا ملك مصر. وكانت مصر قبل أن يملكها السلطان سليم لقانصوه الغوري (3) فوقعت بينهما فتنة ، وقصد كل منهما الآخر في عسكرين عظيمين ، فالتقيا في موضع يقال له (مرج رابغ) من نواحي حلب شماليها مسافته منها نحو مرحلة ، وكان المصاف والوقعة يوم الأحد خامس عشري رجب سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة ، وقيل : بل صبح يوم الخميس تاسع عشر ذي الحجة من السنة المذكورة. ودام الحرب وصابر الفريقان من أول النهار إلى ما بين صلاتي الظهر والعصر ، ثم نزل نصر العثمانية ، وانهزم الجراكسة ، وقتل سلطانهم قانصوه المذكور ، وفتح العثمانية البلاد الشامية ، ثم المصرية ، وكانت ولاية الغوري خمس عشرة سنة وتسعة
पृष्ठ 46