ولقد منيت بكربة الغربة ، وتشعث الحال وعهد الصبا مخيم ما هم بالارتحال ، وبليت بورود منهل البين الأكدر ، وباهر العمر مشرق أشرف على الكمال وما أدبر. رمتني مرامي النوى بجهدها ، وأبدلتني عن خير بلاد الله المشرفه بأرض هندها ، وناهيك بأرض شاسعة نائية ، وبلد أهلها كفرة طاغية ، وليس ذلك والله لطلب نائل ، أو بلوغ وطر امتثلت له قول القائل :
وارحل ركابك عن ربع ظمئت به
إلى الجناب الذي يهمي به المطر (2)
كيف وقد علمت أن الحرمان من شيم الزمان ، ورب عطب تحت طلب ، ولكن قضاء حتم ، وأمر لزم فأين المفر ، وهيهات طلب المستقر.
لو أنصف الدهر دلتني غياهبه
على العلى بضياء العقل والحسب
وكنت بعد أن نزلت على حكم القدر في تحمل شقة البين ، وفارقت الأهل والوطن فراق الجفن للعين ، حريصا على أن لا يكون فعلي إلا فعل امرئ جد في طلب العلى جده.
وما رأيه في عسجد يستفيده
ولكنه في مفخر يستجده (3)
وإن زعم قوم أني على خلاف ذلك فالحسد يقحم مقتفيه أضل المسالك.
पृष्ठ 15