بالطلب. وحث على أن يكون إليه المنقلب ، فلم نر بدا من الإجابة ، كي لا نجيء الخطأ من باب الإصابة ، فأخذنا في أهبة السفر ، والاستعداد لما دهم به البين وظفر ، ثم فارقنا تلك الأوطان مفارقة الأرواح للأبدان.
هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد (1)
فكان خروجنا من مكة المشرفة ليلة السبت لست خلون من شعبان المعظم عام ست وستين وألف ، وذلك بعد أن تمليت (2) من تلك المآثر الكرام ، وتلوت ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) (3) فسرنا على اسم الله ، والمودعون يزرون الأعضاد على الأجياد ، والمدامع تذري هواطل دمعها على أجياد (4) وقد أذن جمع الشمل بالانصداع ، وعلمنا صدق قول القائل :
ما خلق الله من عذاب
أشد من وقفة الوداع
وعلى ذكر الوداع : حكى القاضي أبو بكر بن العربي : أنهم خرجوا لوداع حج العراق فنظروا إلى فتى يتأمل الهوادج هودجا هودجا وهو كالذاهل إلى أن تعب وكل فوقف وأنشد :
أحجاج بيت الله في أي هودج
وفي أي خدر من خدوركم حبي
ثم رمى بنفسه إلى الأرض وجعل يقول :
خل نار القلب تشتعل
خل دمع العين ينهمل
पृष्ठ 34