ثم أفاق فقال: هل صلى الناس؟. قال: فقلنا نعم. فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة. وفي سياق آخر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم دعا بوضوء فتوضأ وصلى، "وذكر القصة". فقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكروه عليه وقد تقدم مثل ذلك عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة ولا يعلم عن صحابي خلافهم، وقال الحافظ عبد الحق الاشبيلي ﵀ في كتابه في الصلاة: ذهب جملة من الصحابة ﵃ ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها، منهم عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وابن عباس وجابر وأبو الدرداء، وكذلك روي عن علي بن أبي طالب هؤلاء من الصحابة. ومن غيرهم: أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وعبد الله بن المبارك وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وأبو بكر ابن أبي شيبة وأبو خيثمة زهير بن حرب. قال: المانعون من التكفير يجب حمل هذه الأحاديث وما شاكلها على كفر النعمة دون كفر الجحود كقوله ﷺ: "من تعلم الرمي ثم تركه فهي نعمة كفرها". وقوله: "لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم". وقوله: "تبرؤه من نسب وإن دق كفر بعد إيمان". وقوله: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". وقوله: "من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد". وقوله: "من حلف بغير الله فقد كفر". رواه الحاكم في صحيحه بهذا اللفظ وقوله: "اثنتان في أمتي هما بهم كفر الطعن في الأنساب والنياحة على الميت". ونظائر ذلك كثيرة.
قالوا: وقد نفى النبي ﷺ الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والمنتهب ولم يوجب زوال هذا الاسم عنهم كفر الجحود والخلود في النار فكذلك كفر تارك الصلاة ليس بكفر جحود ولا يوجب التخليد في الجحيم وقد قال النبي ﷺ: "لا إيمان لمن لا أمانة له". فنفى عنه الإيمان ولا يوجب ترك أداء الأمانة أن يكون كافرا كفرا ينقل عن الملة. وقد قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾: ليس بالكفر الذي يذهبون إليه. وقد قال طاووس: سئل ابن عباس عن هذه الآية فقال: هو
1 / 54