الدليل الثالث: قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ فوجه الدلالة أنه سبحانه علق حصول الرحمة لهم بفعل هذه الأمور فلو كان ترك الصلاة لا يوجب تكفيرهم وخلودهم في النار لكانوا مرحومين بدون فعل الصلاة والرب تعالى إنما جعلهم على رجاء الرحمة إذا فعلوها.
الدليل الرابع قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ وقد اختلف السلف في معنى السهو عنها، فقال سعد بن أبي وقاص ومسروق ابن الأجدع وغيرهما هو تركها حتى يخرج وقتها، روى في ذلك حديث مرفوع قال محمد بن نصر المروذي حدثنا سفيان بن أبي شيبة حدثنا عكرمة بن إبراهيم حدثنا عبد الملك بن عمير بم مصعب بن سعد عن أبيه أنه سأل النبي ﷺ عن الذين هم عن الصلاة ساهون، قال: "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها".
وقال حماد بن زيد حدثنا عاصم عن مصعب بن سعد قال قلت: لأبي يا ابتا أرأيت قول الله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أينا لا يسهو أينا لا يحدث نفسه قال إنه ليس ذاك ولكنه إضاعة الوقت سنن البيهقي وقال حيوة بن شريح أخبرني أبو صخر أنه سأل محمد بن كعب القرظي عن قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ قال هو تاركها ثم سأله عن الماعون قال: منع المال عن حقه.
إذا عرف هذا فالوعيد بالويل اطرد في القرآن للكفار كقوله: وويل للمشركين: ﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ وقوله: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ وقوله: ﴿وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ إلا في موضعين وهما ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ و﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ فعلق الويل بالتطفيف وبالهمز واللمز وهذا لا يكفر به بمجرده فويل تارك الصلاة إما ان يكون ملحقا بويل الكفار أو بويل الفساق فإلحاقه بويل الكفار أولى لوجهين:
أحدهما: أنه قد صح عن سعد ابن أبي وقاص في هذه الآية أنه قال لو تركوها لكانوا كفارا ولكن ضيعوا وقتها.
الثاني: ما سنذكر من الأدلة على كفره يوضحه:
1 / 46