وليخرج برغبة ورهبة ، وبخوف ووجل ، وخضوع وتواضع لله عزوجل ، فإنه كلما تواضع لله عزوجل ، وخشع وخضع ، وذل لله تعالى : كان أزكى لصلاته ، وأحرى لقبولها ، وأشرف للعبد وأقرب له من الله ، وإذا تكبر قصمه الله ، ورد عمله ، وليس يقبل من المتكبر عملا(1) .
جاء الحديث عن إبراهيم خليل الله عزوجل : ( أنه أحيا ليلة ، فلما أصبح ، أعجب بقيام ليلته ، فقال : نعم الرب رب إبراهيم ، ونعم العبد إبراهيم ، فلما كان من الغد : لم يجد أحدا يأكل معه - وكان يحب أن يأكل معه غيره - فأخرج طعامه إلى الطريق ليمر به مار فيأكل معه ، فنزل ملكان من السماء ، فأقبلا نحوه ، فدعاهما إبراهيم إلى الغداء فأجاباه ، فقال لهما : تقدما بنا إلى هذه الروضة ، فإن فيها عينا ، وفيها ماء ، فنتغدى عندها ، فتقدموا إلى الروضة ، فإذا العين قد غارت ، وليس فيها ماء ، فاشتد ذلك على إبراهيم عليه السلام ، واستحيى مما قال ، إذ رأى غير ما قال ، فقالا له : يا إبراهيم ، أدع ربك ، واسأله : أن يعيد الماء في العين ، فدعا الله عزوجل فلم ير شيئا فاشتد ذلك عليه ، فقال لهما : ادعوا الله أنتما ، فدعا أحدهما ، فرجع وإذا هو بالماء في العين ، ثم دعا الآخر ، فأقبلت العين ، فأخبراه : أنهما ملكان ، وأن إعجابه بقيام ليلته رد دعاءه عليه ، ولم يستجب له )(1) فاحذروا - رحمكم الله تعالى - من الكبر ، فليس يقبل مع الكبر عمل ، وتواضعوا بصلاتكم ، فإذا قام أحدكم في صلاته بين يدي الله عزوجل ، فليعرف الله عزوجل في قلبه بكثرة نعمه عليه ، وإحسانه إليه ، فإن الله عزوجل قد أوقره(2)نعما ، وأنه أوقر نفسه ذنوبا ، فليبالغ في الخشوع والخضوع لله عزوجل.
وقد جاء الحديث : ( إن الله أوحى إلى عيسى ابن مريم : إذا قمت بين يدي فقم مقام الحقير الذليل ، الذام لنفسه ، فإنها أولى بالذم ، فإذا دعوتني فادعني وأعضاؤك تنتفض )(3)وجاء الحديث : ( أن الله أوحى إلى موسى نحو هذا )(4)، فما أحقك يا أخي وأولاك بالذم لنفسك إذا قمت بين يدي الله عزوجل .
पृष्ठ 107