विश्व शांति और महिला का योगदान
السلام العالمي ونصيب المرأة في تحقيقه
शैलियों
وبناء عليه فالحرب لا مفر منها ولا علاج لها. وإن فكرة إبطالها والسعي وراء توطيد السلام فكرة خاطئة نشأت عن توهمات الخياليين، الذين يعيشون في الأحلام بعيدين عن الحقائق. ومع أن كل المظاهر - مع الأسف - تدعو الإنسان إلى التسليم كرها بالكثير من نظرياتهم، إلا أنني مع هذا أفضل الأخذ بنظرية أهل الخيال؛ لأنها هي وحدها الجديرة بالإنسانية السامية الرفيعة، كما أنها هي التي تفسح للناس مجال الأمل في هذه الحياة الفانية. والأمل ضرورة من ضرورات الوجود، وأن لا حياة بلا أمل. والظمآن إذا سار خلف السراب في طلب الماء كثيرا ما يسعده الحظ بالوصول إلى ما يطفئ ظمأه، وإلا كان الأمل على الأقل دافعا له إلى الصبر، والمثابرة في المضي وراء الغاية.
منى إن تكن حقا تكن أسعد المنى
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
فإذا قارنا بين نظرية المتشائم الذي يقطع علينا سبيل الأمل في السلام، ونظرية المتفائل الذي ينشد السعادة من طريق السلام، واعتقدنا مع جماعة المتفائلين أن السلام وإن كان عزيز المنال إلا أنه ميسور التحقيق، وجب علينا حينئذ أن نبحث عن الوسائل التي تؤدي بنا إلى تحقيقه وتوطيد دعائمه، معتمدين على حسن نيتنا وقوة إيماننا؛ لتذليل كل الصعاب التي تعترض المجاهدين في سبيل السلام مهما لقينا في هذا السبيل من سخرية المتشائمين ومعارضة المغرضين.
على المرء أن يسعى إلى الخير جهده
وليس عليه أن تتم المقاصد
أما المقارنة بين الإنسان والحيوان لتقوية حجة مؤيدي الحرب ونظرية داروين، فهي قياس مع الفارق، ودليل ضعف على صحة هذه النظرية؛ للتفاوت العظيم بين النوع البشري والحيوان في الخلق والاستعداد.
ولو أن الطبيعة قد وهبت الحيوان سلاحا طبيعيا إلا أنها غرست فيه الإلهام باستعمال هذا السلاح في حالتي الجوع والدفاع عن النفس فقط؛ لأنها خلفته ضعيفا محدود الإدراك، غير مسئول إلا عن نفسه. أما الإنسان فقد فضله الله - سبحانه وتعالى - على باقي مخلوقاته، وتفنن في إبداعه، وخصه بمميزات رفعت من قدره ومرتبته عن باقي الكائنات، أهمها العقل والذاكرة والنطق، وأعطاه بذلك مقاليد أمور الحياة، ووضع عليه مسئوليات تصريفها، وجعل من هذه المميزات سلاحه وقوته. والدليل على ذلك أن الحيوان يولد مجهزا بالأسلحة اللازمة لضمان حياته، فهو يخلق بمخالبه وأنيابه، ولا يكاد يحتاج منذ ولادته إلى معين على السير وطلب القوت. أما الطفل فيحتاج منذ ولادته لرعاية والديه وتعهدهما له في غذائه وجميع مرافقه، ويظل كذلك حتى تتكون مداركه شيئا فشيئا، ويبلغ السن التي يستغني فيها عن معاونة غيره والاعتماد على نفسه؛ ليقوم هو بدوره في إسداء المعونة لأمثاله في الحياة الاجتماعية.
لذلك يرى المتفائلون بحق أن الإنسان مخلوق اجتماعي لا يمكنه أن يعيش بمفرده، بل لا بد له من التعاون وتبادل المساعدة بينه وبين بني جنسه، بل بينه وبين سائر المخلوقات. وقد خلقه الله لرقي الكون وعمرانه، لا للهدم والتخريب؛ فهو لذلك دائم الطموح إلى أسمى درجات الكمال. وكثيرا ما يكبو الطامح في طريقه إلى الغاية.
ولكن ما كانت هذه الكبوات دليلا على أنه سيبوء بالفشل، فلا بد له إذن من استئناف خطواته الطيبة، والمضي في سبيل الخير، وهذه الفكرة هي التي تحدو بأصحاب المثل العليا إلى الاستمساك بحبال الأمل في تحقيق فكرة السلام؛ لاعتقادهم أنه بفضل الترقي والتقدم، لا بد أن يسمو الإنسان على مطامعه، ويرتفع فوق ميوله ومصالحه الخاصة. فتتحول غريزة القتال لديه إلى قوة إنشائية منظمة، تساعده على أداء رسالته المثلى للمجتمع، وبذلك سينتهي به هذا التدرج حتما إلى وضع نظام جديد يضمن للعالم سلامه وطمأنينته.
अज्ञात पृष्ठ