فثدياه: مبتدأ , وحقان هو الخبر , والجملة خبر كأن , واسمها [41و] محذوف ضمير الشأن أي: كأنه , وهذا البيت رواه سيبويه هكذا (5) ورواه غيره: وصدر مشرق النحر , والمعنى على الأول: رب وجه يلوح لونه وثديا صاحبه كحقين من الإستدارة.
ثكلى: خبر ثان.
ترن: فعل مضارع , فاعله يعود إلى ثكلى.
وتعول: فعل مضارع معطوف على ترن , وعود ضمير الفعلين إلى الثكلى أولى من عوده إلى القوس , وإن صح وصفها بالرن والإعوال لئلا يلزم التكرار في قوله: هتوف , فيما يأتي كذا قيل (1). والصواب: عوده إلى القوس , فيكون ارتباط هذا البيت بالبيت الثاني أتم , ولا تكرار كما توهم , بل في الأول انتشار تنبو عنه سليقة الناظم الأزدي , على أن الأنسب أن يكون وصفا للقوس كما لا يخفى.
المعنى:
لما عد القوس من جملة أصحابه , ورغب فيها عن رفقة أحبابه , تعرض لوصفها الذاتي والعرضي فقال , وإبداء ما احتوته من محاسن الخصال , أن هذه القوس إذا جاوزها السهم كأنها امرأة مصابة نائحة فاقدة ولدها باكية صائحة.
استطراد:
دخل بعض الشعراء على الفضل بن يحيى البرمكي (2) , وامتدحه ببيت من الشعر:
لما رأيت الناس شدوا رحالهم ... إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي
وبيده جرة , فأمر بإملائها من النقدين , فقال بعض أهل مجلسه: لو اختبرت هذا الشاعر بشيء من الشعر , لأنه ربما كان سارقا هذا البيت من قول بعض الشعراء , فأمر [41ظ] بإحضاره , وأخذ بيده قوسا وسهما , وقال: قل في حقهما شيئا وإلا ضربتك , فأنشأ ارتجالا: [من الطويل]
وقوسك قوس الجود والوتر والندى ... وسهمك سهم اليسر أضرب بها عسري
أيا لومة لاموك يا فضل بالعطا ... فمن ذا الذي ينهى السحاب عن القطر؟!
पृष्ठ 170