بادروا باذوي الأرحام إلى الرحيل والسفر، وكونوا بعد اليوم من الأعداء على حذر، فانه لا يطمئن لكم بعدي بال، ولا تدرك لكم الآمال، وقد كنت بينكم، سيفكم القاطع، والدرع المانع، حميت لكم الذمار، وأكسبتكم الافتخار، وأظن حين نأت بيني وبينكم الدار، وتسمع أعداؤكم ماكان من بعد المزار، يقلبون إليكم أحداق الأخذ والانتهاب ويعظم لفقدي عندكم المصاب، وأما أنا فلست بعد اليوم معكم بالمقيم، واخترت التوحش عنكم وإني به عن الحادثات سليم، ورغبت في الميل إلى غيركم من الأقوام، ولذ لي التغرب في الوغال والآجام، لما شاهدت من عدم مراعاة صلة الرحم وانغماسكم في الجفوة والغلظة والهظم، وما هذا شان يرتاح له اللبيب، وصدوره مني لهو العجب العجيب (1)،واني كما قال بشار بن برد (2): [من المتقارب]
إذا ما قلتني بلدة أو قليتها ... خرجت مع البازي علي سواد (3) ... (3و)
مع أنها مع ذوي القربى أحق بالفراق ، وموجبة لبعد التلاق، قال ابن مقرب (4):
[من الطويل]
خليلي عن دار الهوان فقوضا ... خيامي وزما لارتحال النجائب (5)
وله أيضا: (6) ... [من الطويل]
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
شعرا (7): [من البسيط]
شرق وغرب تجد من غادر بدلا فالأرض من تربة والناس من رجل
قال أبو الطيب (8): [من المنسرح]
पृष्ठ 90