130

सकब अदब

سكب الأدب على لامية العرب

शैलियों

العهد منع خيرها , ونار الطرد كانوا يوقدون خلف من يمضي ولا يشتهون رجوعه , ونار الأهبة للحرب كانوا إذا أرادوا حربا أوقدوا نارا على جبل ليبلغ الخبر أصحابهم فيأتوهم , ونار الصيد توقد للظباء لتعشى إذا نظرت إليها , ونار الأسد كانوا يوقدونها إذا خافوا الأسد , وهو إذا رأى النار استهالها وفزع منها , ونار السليم توقد للملدوغ والمجروح , ولمن عضه الكلب لئلا يناموا فيشتد الأمر بهم , ونار الفداء كانوا إذا سبوا قبيلة خرجت إليهم السادة للفداء والإستيهاب فكرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن , أو في الظلمة فيخفى قدر ما يحسبون لأنفسهم من الصفايا , ونار الوسم يقال: ما نارك أي ما سمة إبلك , وإنما يسأل عن ذلك لأنهم يعرفون ميسم كل قوم وكلام إبلهم , ونار الحرتين كانت في بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذي من مر بها , والنار التي توقد بمزدلفة حتى يراها من دفع من عرفة [63ظ] وأول من أوقدها قصي بن كلاب , ونار الحباحب - وهي التي أشار إليها الشنفرى - , وكل نار لا أصل لها مثل ما ينقدح بين نعال الدواب (1) , وكالبرق فإنه دخان مشتعل لما فيه من الدهنية , فإن الأبخرة الصاعدة قلما تخلو عن الدهنية , فإذا اشتعل ذلك البخار بالحركة العنيفة المقتضية للحرارة كان برقا وينطفىء بسرعة , وصاعقة إذا كان غليظا ولا ينطفىء حتى يصل إلى الأرض , فإذا وصل إليها فربما صار لطيفا ينفذ في المتخلل ولا يحرقه , ويذيب الأجسام المندمجة فيذيب الذهب والفضة المصرة مثلا ولا يحرقها إلا ما احترق من الذوب , وربما كان كثيفا غليظا جدا فيحرق كل شيء أصابه , وكثيرا ما يقع على الجبل فيدكه دكا , والنار المستعملة عندنا فهي جوهر لطيف مضيء حار محرق (2) , والنور ضوءها , واشتقاقها من نار ينور إذا نفر , لأن فيها حركة واضطرابا , وليست هذه أحد العناصر الأربعة (3) كما قد يتوهم , بل هي مركبة منها , وأما النار الطبيعية فهي أحد البسائط العنصرية , وهي حارة يابسة , والعنصر في اللغة العربية الأصل كالأسطقس في اللغة اليونانية (1) , والعناصر طبقات سبع على الأصح من الأقوال أعلاها الطبقة النارية الصرفة فمحدبها مماس لمحدب فلك القمر , ومركز العناصر الأربعة مختلفة , فمركز النار والهواء العلو , فالنار والهواء يطلبان العلو , ومركز الأرض والماء السفل , فهما يطلبان السفل , لأنك إذا نكست الشعلة إلى أسفل انقلب إلى فوق , وإذا ملئت [64و] الزق هواء وقسرته على المكث في الماء , ورفعت القاسر طلب جهة الفوق , وعلى الماء , وإذا تحيلت على صعود الماء إلى فوق بالفوارات (2) والزرافات (3) بلغ غاية الرفع ثم أخذ بالهبوط , وإذا حذفت الحجر إلى فوق بلغ غايته ثم تصوب منحدرا , وهذا الترتيب الذي ذكرناه هو الصحيح , وقد ورد أقوال كثيرة غير ذلك مبسوطة في موضعها من علم الطبيعي , والكلام فيه يطول , وهو مستقصى في أماكنه من كتب الحكمة (4).

استطراد:

مما يشبه خوارق العادة من تكسر الصوان عند ملاقاة منسمه , ما ذكره أصحاب التواريخ أن زرقاء اليمامة , وهي امرأة من جديس (5) يضرب بها المثل في حدة النظر (6) , قيل إنها: كانت ترى من مسيرة ثلاثة أيام , روي أنها أبصرت حماما طائرا في جو السماء , فقالت: [من مجزوء الرجز]

ليت الحمام ليه ... أو نصفه قديه

إلى حمامتيه ... تم الحمام ميه (7)

पृष्ठ 216